الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الفِقْهِ، ونُقَّادِ المَعَانِي وَجَهَابِذَةِ الأَلْفَاظِ- يَقُوْلُ: حُكْمُ المَعَانِي خِلاَفُ حُكْمِ الأَلْفَاظِ؛ لأَنَّ المَعَانِي مَبْسُوْطَةٌ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ وأَسْمَاءُ المَعَانِي مَعْدُوْدَةٌ مَحْدُوْدَةٌ، وَجَمِيْعُ أَصْنَافِ الدَّلاَلاَتِ عَلَى المَعَانِي لَفْظاً، وَغَيْرَ لَفْظٍ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ: اللَّفْظُ ثُمَّ الإِشَارَةُ ثُمَّ العَقْدُ ثُمَّ الخَطُّ ثُمَّ الَّذِي يُسَمَّى النَّصْبَةُ، وَالنَّصبَةُ فِي الحَالِ الدَّلاَلَةُ الَّتِي لاَ تَقُوْمُ مَقَامَ تِلْكَ الأَصْنَافِ، وَلاَ تَقصُرُ عَنْ تِلْكَ الدَّلاَلاَتِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الخَمْسَةِ صُورَةٌ بَائِنَةٌ مِنْ صُورَةِ صَاحِبَتِهَا، وَحِلْيَةٌ مُخَالِفَةٌ لِحْلِيَةِ أُخْتِهَا، وَهِيَ الَّتِي تَكْشِفُ لَكَ عَنْ أَعْيَانِ المَعَانِي فِي الجُمْلَةِ، وَعَنْ خَفَائِهَا عَنِ التَّفْسِيْرِ وَعَنْ أَجْنَاسِهَا، وَأَفرَادِهَا وَعَنْ خَاصِّهَا، وَعَامِّهَا وَعَنْ طِبَاعِهَا فِي السَّارِّ وَالضَّارِّ، وَعَمَّا يَكُوْنُ بَهْواً بَهْرَجاً وَسَاقِطاً مُدَحْرَجاً.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ إِلَى السَّلاَمَةِ مِنَ النَّاسِ سَبِيْلٌ، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه.
قَالَ حَرْمَلَةُ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ فِي فَمِهِ تَمْرَةٌ فَقَالَ: إِنْ أَكَلْتُهَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَإِنْ طَرَحْتُهَا فَامرَأَتِي طَالِقٌ قَالَ: يَأْكلُ نِصْفاً وَيَطْرَحُ النِّصْفَ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الفُقَهَاءُ العَاملُوْنَ أَوْلِيَاءَ اللهِ، فَمَا للهِ وَلِيٌّ.
وَقَالَ: طَلَبُ العِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ النَّافلَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقَلَّ صَبّاً لِلْمَاءِ فِي تَمَامِ التَّطَهُّرِ مِنَ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: يَنْبَغِي لِلْفَقِيْهِ أَنْ يَضَعَ التُّرَابَ عَلَى رَأَسِهِ تَوَاضُعاً للهِ وَشُكْراً للهِ.
الأَصَمُّ: سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ يَقُوْلُ: سَأَلَ رَجُلٌ الشَّافِعِيَّ عَنْ قَاتَلِ الوَزَغِ: هَلْ عَلِيْهِ غُسْلٌ؟ فَقَالَ: هَذَا فُتْيَا العَجَائِزِ.
الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الأَشْعَثِ المِصْرِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ قَالَ: مَا رَأَتْ عَيْنِي قَطُّ مِثْلَ الشَّافِعِيَّ قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ فَرَأَيْتُ أَصْحَابَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ يَغْلُوْنَ بِصَاحِبِهِم، يَقُوْلُوْنَ: صَاحِبُنَا الَّذِي قَطَعَ الشَّافِعِيَّ قَالَ: فَلَقِيتُ عَبْدَ المَلِكِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَنِي فَقُلْتُ: الحُجَّةُ؟ قَالَ: لأَنَّ مَالِكاً قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ في نفسي: هيهات أَسْأَلُكَ عَنِ الحُجَّةِ، وَتَقُوْلُ: قَالَ مُعَلِّمِي وَإِنَّمَا الحُجَّةُ عَلَيْكَ وَعَلَى مُعَلِّمِكَ.