بحر القلزم لا تكاد تسلم مِنْهُ سَفِيْنَةٌ- ثُمَّ أَلقَى عَلَيَّ مَسْأَلَةً فِي الفِقْهِ، فَأَجَبْتُ فَأَدْخَلَ شَيْئاً أَفْسَدَ جَوَابِي فَأَجَبْتُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَأَدْخَلَ شَيْئاً أَفْسَدَ جَوَابِي، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا أَجَبْتُ بِشَيْءٍ أَفْسَدَهُ ثُمَّ قَالَ لِي: هَذَا الفِقْهُ الَّذِي فِيْهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَقَاوِيْلُ النَّاسِ يَدْخُلُهُ مِثْلُ هَذَا، فَكَيْفَ الكَلاَمُ فِي رَبِّ العَالِمِيْنَ الَّذِي فِيْهِ الزَّلَلُ كَثِيْرٌ؟ فَتَرَكْتُ الكَلاَمَ، وَأَقْبَلْتُ عَلَى الفِقْهِ.

عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ يَقُوْلُ: لَمْ يُحْفَظْ فِي دَهْرِ الشَّافِعِيِّ كُلِّهِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ، وَلاَ نُسِبَ إِلَيْهِ وَلاَ عُرِفَ بِهِ مَعَ بُغْضِهِ لأَهْلِ الكَلاَمِ وَالبِدَعِ.

وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ عَنْ أبيه قال: كان الشَّافِعِيُّ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ الخَبَرُ قَلَّدَهُ وَخَيْرُ خَصْلَةٍ كَانَتْ فِيْهِ، لَمْ يَكُنْ يَشْتَهِي الكَلاَمَ إِنَّمَا هِمَّتُهُ الفِقْهُ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ حَامِدٍ السُّلَمِيَّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلِ بنِ الأَزْهَرِ يَقُوْلُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى المُزَنِيِّ يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الكَلاَمِ فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ هَذَا بَلْ أَنَهَى عَنْهُ كَمَا نَهَى عَنْهُ الشَّافِعِيُّ لَقَدْ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الكَلاَمِ، وَالتَّوْحِيْدِ فَقَالَ: مُحَالٌ أَنْ نَظُنَّ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ عَلَّمَ أُمَّتَهُ الاسْتِنْجَاءَ وَلَمْ يُعَلِّمْهُمُ التَّوْحِيْدَ وَالتَّوْحِيْدُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُوْلُوا: لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ" 1. فَمَا عُصِمَ بِهِ الدَّمُ، وَالمَالُ حقيقة التوحيد.

زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ سَمِعْتُ حُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الكَرَابِيْسِيَّ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ الشَّافِعِيَّ وَدَخَلَ عَلَيْهِ بِشْرٌ المَرِيسِيُّ فَقَالَ لبِشْرٍ: أَخْبِرْنِي عَمَّا تَدعُو إِلَيْهِ: أَكتَابٌ نَاطِقٌ وَفَرْضٌ مُفْتَرَضٌ وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ وَوَجَدْتَ عَنِ السَّلَفِ البَحْثَ فِيْهِ، وَالسُّؤَالَ؟ فَقَالَ بِشْرٌ: لاَ إلَّا أَنَّهُ لاَ يَسَعُنَا خِلاَفُهُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقْرَرْتَ بِنَفْسِكَ عَلَى الخَطَأِ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الكَلاَمِ فِي الفِقْهِ، وَالأَخْبَارِ يُوَالِيْكَ النَّاسُ، وَتَتْرُكُ هَذَا؟ قَالَ: لَنَا نَهْمَةٌ فِيْهِ فَلَمَّا خَرَجَ بِشْرٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ يُفْلِحُ.

أَبُو ثَوْرٍ وَالرَّبِيْعُ: سَمِعَا الشَّافِعِيَّ يقول: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح.

قَالَ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ: قَالَ المُزَنِيُّ: سألت الشافعي عن مسألة من الكلام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015