الغم في وجهه فقرب مجلسي، وعنده قَوْمٌ يُحَادِثُوْنَهُ فَجَعَلَ يُذَاكِرُنِي الحَدِيْثَ بَعْدَ الحَدِيْثِ.

وَقَالَ: أَفْطِرْ عِنْدَنَا فَأَفْطَرْتُ عِنْدَهُ وَأَعْطَانِي خَمْسَ مائَةِ دِيْنَارٍ وَقَالَ: عُدْ إِلَيْنَا فَذَهَبْتُ فَتَجَمَّلْتُ، وَاكْتَسَيْتُ، وَلَقِيْتُ الزُّبَيْرِيَّ فَلَمَّا رَآنِي بِتِلْكَ الحَالِ سُرَّ، وَأَخْبَرْتُهُ الخَبَرَ وَلَمْ يَزَلِ الوَزِيْرُ يُقَرِّبُنِي، وَيُوْصِلُنِي كُلَّ لَيْلَةٍ خَمْسَ مائَةِ دِيْنَارٍ إِلَى لَيْلَةِ العِيْدِ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَزَيَّنْ غَداً لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بِأَحْسَنِ زِيٍّ لِلْقُضَاةِ، وَاعْتَرِضْ لَهُ فَإِنَّهُ سَيَسْأَلُنِي عَنْ خَبَرِكَ فَأُخْبِرُهُ.

فَفَعَلْتُ قَالَ: وَجَعَلَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَلْحَظُنِي فِي المَوْكِبِ ثُمَّ نَزَلْنَا، وَمَضَيْتُ مَعَ يَحْيَى بنِ خَالِدٍ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا زَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَسْأَلُنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ حَجِّنَا وَقَدْ أَمَرَ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَجَهَّزْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَكَيْفَ أُلاَمُ عَلَى حُبِّ يَحْيَى؟ وَسَاقَ حِكَايَةً طَوِيْلَةً.

قَالَ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ حَدَّثَنَا الوَاقِدِيُّ قَالَ: أَضَقْتُ مَرَّةً وَأَنَا مَعَ يَحْيَى بنِ خَالِدٍ، وَحَضَرَ عِيْدٌ فَجَاءتْنِي الجَارِيَةُ فَقَالَتْ: لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ آلَةِ العِيْدِ شَيْءٌ فَمَضَيْتُ إِلَى تَاجِرٍ صَدِيْقٍ لِي لِيُقْرِضَنِي، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِيْساً مَخْتُوْماً فِيْهِ أَلْفُ دِيْنَارٍ وَمائَتَا دِرْهَمٍ فَأَخَذْتُهُ فَمَا اسْتَقْرَرْتُ فِي مَنْزِلِي حَتَّى جَاءنِي صَدِيْقٌ لِي هَاشِمِيٌّ فَشَكَا إِلَيَّ تَأَخُّرَ غَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَى القَرْضِ، فَدَخَلْتُ إِلَى زَوْجَتِي فَأَخْبَرْتُهَا فَقَالَتْ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ عَزَمْتَ? قُلْتُ: عَلَى أَنْ أُقَاسِمَهُ الكِيْسَ قَالَتْ: مَا صَنَعْتَ شَيْئاً أَتَيْتَ رَجُلاً سُوْقَةً فَأَعْطَاكَ أَلْفاً وَمائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَجَاءكَ رَجُلٌ مِنْ آلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُعْطِيْهِ نِصْفَ مَا أَعْطَاكَ السُّوْقَةُ? فَأَخْرَجْتُ الكِيْسَ كُلَّهُ إِلَيْهِ فَمَضَى فَذَهَبَ صَدِيْقِي التَّاجِرُ إِلَى الهَاشِمِيِّ، وَكَانَ صَاحِبَهُ فَسَأَلَهُ القَرْضَ، فَأَخْرَجَ الهَاشِمِيُّ إِلَيْهِ الكِيسَ بِعَيْنِهِ فَعَرفَهُ التَّاجِرُ، وَانْصَرَفَ إِلَيَّ فَحَدَّثَنِي بِالأَمْرِ. قَالَ: وَجَاءنِي رَسُوْلُ يَحْيَى يَقُوْلُ: إِنَّمَا تَأَخَّرَ رَسُوْلُنَا عَنْكَ لِشُغْلِي فَرَكِبْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَمْرَ الكِيسِ فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! هَاتِ تِلْكَ الدَّنَانِيْرَ فَجَاءهُ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ فَقَالَ: خُذْ أَلْفَي دِيْنَارٍ لَكَ، وَأَلْفَي دِيْنَارٍ لِلتَّاجِرِ وَأَلْفَيْنِ لِلْهَاشِمِيِّ وَأَرْبَعَةَ آلاَفٍ لِزَوْجَتِكَ فَإِنَّهَا أَكرَمُكُم.

رَوَاهَا المُعَافَى وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عِكْرِمَةَ.

وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى الوَاقِدِيِّ نَحْوٌ مِنْهَا لَكِنْ أَمَرَ لَهُ بِخَمْسِ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَلِكُلٍّ مِنَ الثَّلاَثَةِ بِمائَتَيْ دِيْنَارٍ وَهَذَا أَشْبَهُ.

قَالَ الحَسَنُ بنُ شَاذَانَ عَنْهُ: صار إلي من السلطان ستة مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ مَا وَجَبَتْ عَلَيَّ زَكَاةٌ فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015