وَقَالَ: حَيَّاكُمُ اللهُ بِالسَّلاَمِ، وَنَعِمْنَا وَإِيَّاكُم بِالأَحزَانِ. ثُمَّ أَذَّنَ فَارْتَعَدَ، وَقَفَّ شَعرُهُ، وَانْحَنَى حَتَّى كَادَ يَسْقُطُ. عَنْ مَعْرُوْفٍ قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدٍ شَرّاً أَغلَقَ عَنْهُ بَابَ العَمَلِ وَفَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ الجَدَلِ.

وَقَالَ جُشَمُ بنُ عِيْسَى: سَمِعْتُ عَمِّي مَعْرُوْفَ بنَ الفَيْرُزَانِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ خُنَيْسٍ يَقُوْلُ: كَيْفَ تَتَّقِي وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي مَا تَتَّقِي? رَوَاهَا: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ عَنْ مَعْرُوْفٍ. قَالَ: ثُمَّ يَقُوْلُ مَعْرُوْفٌ: إذا كنت لا تحسن تَتَّقِي أَكَلتَ الرِّبَا، وَلقِيْتَ المَرْأَةَ فَلَمْ تَغُضَّ عَنْهَا وَوَضَعتَ سَيْفَكَ عَلَى عَاتِقِك. إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَجْلِسِي هَذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّقِيْهِ فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوْعِ وَذِلَّةٌ لِلتَّابِعِ.

قِيْلَ: أَتَى رَجُلٌ بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ إِلَى مَعْرُوْفٍ فَمَرَّ سَائِلٌ فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا. وَكَانَ يَبْكِي ثُمَّ يَقُوْلُ: يَا نَفْسُ كَمْ تَبْكِيْنَ؟ أَخْلِصِي تَخْلُصِي.

وَسُئِلَ: كَيْفَ تَصُوْمُ? فَغَالَطَ السَّائِلَ وَقَالَ: صَوْمُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كَذَا وَكَذَا وَصَوُمُ دَاوُد كَذَا وَكَذَا. فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: أُصْبِحُ دَهْرِي صَائِماً فَمَنْ دَعَانِي أَكَلتُ وَلَمْ أَقُلْ: إِنِّيْ صَائِمٌ.

وَقَصَّ إِنْسَانٌ شَارِبَ مَعْرُوْفٍ فَلَمْ يَفتُرْ مِنَ الذِّكْرِ فَقَالَ: كَيْفَ أَقُصُّ? فَقَالَ: أَنْتَ تَعْمَلُ وَأَنَا أَعمَلُ.

وَقِيْلَ: اغْتَابَ رَجُلٌ عِنْدَ مَعْرُوْفٍ فَقَالَ: اذْكُرِ القُطْنَ إِذَا وُضِعَ عَلَى عَيْنَيْكَ.

وَعَنْهُ قَالَ: مَا أَكْثَرَ الصَّالِحِيْنَ، وَمَا أَقَلَّ الصَّادِقِيْنَ.

وَعَنْهُ: مَنْ كَابَرَ اللهَ صَرَعَهُ، وَمَنْ نَازَعَهُ، قَمَعَهُ، وَمَنْ مَاكَرَهُ خَدَعَهُ وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ مَنَعَهُ وَمَنْ تَوَاضَعَ لَهُ رَفَعَهُ كَلاَمُ العَبْدِ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْه خِذْلاَنٌ مِنَ الله.

وَقِيْلَ: أَتَاهُ مَلْهُوْفٌ سُرِقَ مِنْهُ أَلفُ دِيْنَارٍ لِيَدعُوَ لَهُ فَقَالَ: مَا أَدْعُو أَمَا زَوَيْتَهُ عَنْ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ فَرُدَّهُ عَلَيْهِ.

قِيْلَ: أَنْشَدَ مَرَّةً فِي السَّحَرِ:

مَا تَضُرُّ الذُّنُوْبُ لَوْ أَعْتَقْتَنِي ... رَحْمَةً لِي فَقَدْ عَلاَنِي المَشِيْبُ

وَعَنْهُ: مَنْ لَعَنَ إِمَامَهُ حُرِمَ عَدْلَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015