مِنِّي نَبِيْذاً، فَجِئْتُهُ بِهِ، وَأَقْبَلتُ أَقرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَلَمَّا نَفِدَ مَا جِئْتُهُ بِهِ، أَطفَأَ السِّرَاجَ. قُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَ: لَوْ زِدْتَنَا، زِدْنَاكَ.

قَالَ جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ وَكِيْعاً، فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! شَرِبْتُ البَارِحَةَ نَبِيْذاً، فَرَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ رَجُلاً يَقُوْلُ: شَرِبتَ خَمراً. فَقَالَ وَكِيْعٌ: ذَلِكَ الشَّيْطَانُ.

وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: تَعَشَّينَا عِنْدَ وَكِيْعٍ -أَوْ قَالَ: تَغَدَّينَا- فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيْدُوْنَ أَجِيئُكُم مِنْهُ: نَبِيذُ الشُّيُوْخِ، أَوْ نَبِيذُ الفِتْيَانِ? فقلت: تَتَكَلَّمُ بِهَذَا? قَالَ: هُوَ عِنْدِي أَحَلُّ مِنْ مَاءِ الفُرَاتِ. قُلْتُ لَهُ: مَاءُ الفُرَاتِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حِلِّهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا.

قُلْتُ: الرَّجُلُ -سَامَحَهُ الله- لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ إِبَاحَتَه، لَمَا قَالَ هَذَا.

عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَمَّاسٍ، قَالَ: لَوْ تَمَنَّيْتُ، كُنْتُ أَتَمَنَّى عَقْلَ ابْنِ المُبَارَكِ وَوَرَعَهُ، وَزُهْدَ ابْنِ فُضَيْلٍ وَرِقَّتَه، وَعِبَادَةَ وَكِيْعٍ وَحِفْظَهُ، وَخُشُوْعَ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَصَبْرَ حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، صَبَرَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمرِ الدُّنْيَا.

وَرَوَى بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: قَالَ لِي الرَّشِيْدُ إِنَّ أَهْلَ بَلَدِكَ طَلَبُوا مِنِّي قَاضِياً، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُشْرِكَكَ فِي أَمَانَتِي وَصَالِحِ عَمَلِي، فَخُذْ عَهدَكَ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ، وَإِحْدَى عَيْنَيَّ ذَاهِبَةٌ، وَالأُخْرَى ضَعِيْفَةٌ.

قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَم: مَا رَأَيْتُ بِيَدِ وَكِيْعٍ كِتَاباً قَطُّ، إِنَّمَا هُوَ حِفْظٌ، فَسَأَلتُهُ عَنْ أَدوِيَةِ الحِفْظِ، فَقَالَ: إِنْ عَلَّمْتُكَ الدَّوَاءَ، اسْتَعْمَلتَه? قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ. قَالَ: تَرْكُ المَعَاصِي، مَا جَرَّبْتُ مِثْلَهُ لِلْحِفْظِ.

وَقَالَ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ: سَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: لَوْ علمت أَنَّ الصَّلاَةَ أَفْضَلُ مِنَ الحَدِيْثِ، مَا حَدَّثْتُكُم.

قَالَ سُفْيَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ صَاحِبُ ابْنِ المُبَارَكِ: كَانَ وَكِيْعٌ أَحْفَظَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: وَكِيْعٌ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ، عَابِدٌ، صَالِحٌ، أَدِيْبٌ، مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ مُفْتِياً.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ: أَيُّمَا أَحْفَظُ: وَكِيْعٌ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ? قَالَ: وَكِيْعٌ أَحْفَظُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَتْقَنُ، وَقَدِ التَقَيَا بَعْدَ العِشَاءِ فِي المَسْجَدِ الحَرَامِ، فَتَوَاقَفَا، حَتَّى سَمِعَا أَذَانَ الصُّبْحِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015