يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِياً ... يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِيْنِ
الأَبْيَاتُ المَذْكُوْرَةُ: فَلَمَّا قَرَأَهَا، قَامَ مِنْ مَجْلِسِ القَضَاءِ، فَوَطِئَ بِسَاطَ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ، وَقَالَ: الله الله، ارْحَمْ شَيْبَتِي، فَإِنِّي لاَ أَصْبِرُ عَلَى الخَطَأِ. فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا المَجْنُوْنَ أَغرَى عَلَيْكَ. ثُمَّ أَعفَاهُ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ ابْنُ المُبَارَكِ بِالصُّرَّةِ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ العَيْشِيَّ يَروِيهَا عَنِ الحَمَّادَيْنِ، وَقَدْ مَاتَا قَبْلَ هَذِهِ القِصَّةِ بِمُدَّةٍ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَدْرَجَه العَيْشِيُّ.
قَالَ سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْهِ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ خَشْرَمٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِوَكِيْعٍ: رَأَيْتُ إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الحِمَارِ، يَحْتَاجُ مَنْ يَرُدُّه إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ وَكِيْعٌ: إِذَا رَأَيْتَ البَصْرِيَّ يَشْرَبُ، فَاتَّهِمْه. قُلْتُ: وَكَيْفَ? قَالَ: إِنَّ الكُوْفِيَّ يَشْرَبُهُ تَدَيُّناً، وَالبَصرِيُّ يَترُكُهُ تَدَيُّناً.
وَهَذِهِ حِكَايَةٌ غَرِيْبَةٌ، مَا عَلِمْنَا أَحَداً غمز إسماعيل يشرب المُسْكِرِ قَطُّ، وَقَدِ انحَرَفَ بَعْضُ الحُفَّاظِ عَنْهُ بِلاَ حُجَّةٍ، حَتَّى إِنَّ مَنْصُوْرَ بنَ سَلَمَةَ الخُزَاعِيَّ تَحَدَّثَ مَرَّةً، فَسَبَقَهُ لِسَانُهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ... ، ثُمَّ قَالَ: لاَ، وَلاَ كَرَامَةَ، بَلْ أَرَدْتُ زُهَيْراً. وَقَالَ: لَيْسَ مَنْ قارف الذنب كمن لم يفارقه، أنا -والله- استتبته.
قُلْتُ: يُشِيْرُ إِلَى تِلْكَ الهَفْوَةِ الصَّغَيْرَةِ، وَهَذَا مِنَ الجَرحِ المَرْدُوْدِ، وَقَدِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الأُمَّةِ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِإِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَدْلِ المَأْمُوْنِ. وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ يَزِيْدَ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَدْ كَانَ بَيْنَ ابْنِ طَبَرْزَدَ وَبَيْنَ ابْنِ عُلَيَّةَ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ فِي حَدِيْثَيْنِ مَشْهُوْرَيْنِ مِنَ "الغَيْلاَنِيَّاتِ"، وَهَذَا غَايَةٌ فِي العُلُوِّ، رَوَاهُمَا عَنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ، بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ1.
أَخْبَرْنَاهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَجَمَاعَةٌ كتابة، بسماعهم من عمر بن طبرزد.