وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً، أَكْثَرَ غمه وإذا بغض عَبداً، وَسَّعَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الأَشْعَثِ: سَمِعْتُ الفُضَيْلَ يَقُوْلُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُذْكَرَ لَمْ يُذْكَرْ، وَمَنْ كَرِهَ أَنْ يُذْكَرَ ذُكِرَ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَعِزَّتِهِ، لَوْ أَدْخَلَنِي النَّارَ مَا أَيِسْتُ.
وَسَمِعتُهُ -وَقَدْ أَفَضْنَا مِنْ عَرَفَاتَ- يَقُوْلُ: وَاسَوْأَتَاهُ -وَاللهِ مِنْكَ- وَإِنْ عَفَوْتَ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الخَوْفُ أَفْضَلُ مِنَ الرَّجَاءِ مَا دَامَ الرَّجُلُ صَحِيْحاً، فَإِذَا نَزَلَ بِهِ المَوْتُ، فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ.
قُلْتُ: وَذَلِكَ لِقَوْلِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَمُوْتَنَّ أَحَدُكُم إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ" 1.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّورقي، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ، قَالَ: بَلَغَ الفُضَيْلَ أَنَّ حَرِيْزاً يُرِيْدُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَأَقفَلَ البَابَ مِنْ خَارِجٍ، فَجَاءَ، فَرَأَى البَابَ مُقْفَلاً، فَرَجَعَ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: حَرِيْزٌ. قَالَ: مَا يَصْنَعُ بِي، يُظْهِرُ لِي مَحَاسِنَ كَلاَمِهِ، وَأُظهِرُ لَهُ مَحَاسِنَ كَلاَمِي، فَلاَ يَتَزَيَّنُ لِي، وَلاَ أَتَزَيَّنُ لَهُ خَيْرٌ لَهُ.
ثُمَّ قَالَ عليٌّ: مَا رَأَيْتُ أَنصَحَ لِلْمُسْلِمِيْنَ، وَلاَ أَخَوْفَ مِنْهُ، وَلَقَدْ رَأْيْتُهُ فِي المَنَامِ قَائِماً عَلَى صُنْدُوْقٍ يُعطِي المَصَاحِفَ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فِيْهِم سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَهَارُوْنُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، فَمَا رَأْيْتُهُ يُوَدِّعُ أَحَداً، فَيَقدِرُ أَنْ يُتِمَّ وَدَاعَه.
قَالَ فَيْضُ بنُ وَثِيْقٍ: سَمِعْتُ الفُضَيْلَ يَقُوْلُ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَكُوْنَ مُحَدِّثاً، وَلاَ قَارِئاً، وَلاَ مُتَكَلِّماً، إِنْ كُنْتَ بَلِيْغاً، قَالُوا: مَا أَبْلَغَهُ، وَأَحْسَنَ حَدِيْثَه، وَأَحْسَنَ صَوْتَه! فَيُعجِبُكَ ذَلِكَ، فَتَنْتَفِخَ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَلِيْغاً، وَلاَ حَسَنَ الصَّوتِ، قَالُوا: لَيْسَ يُحْسِنُ يُحَدِّثُ، وَلَيْسَ صَوْتُهُ بِحَسَنٍ، أَحزَنَكَ ذَلِكَ، وَشقَّ عَلَيْك، فَتكُوْنَ مُرَائِياً. وَإِذَا جَلَسْتَ، فَتَكَلَّمْتَ، فَلَمْ تُبَالِ مَنْ ذَمَّكَ، وَمَنْ مَدَحَكَ فَتَكَلَّمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زُنْبور: قَالَ الفُضَيْلُ: لاَ يَسْلَمُ لَكَ قَلْبُكَ حَتَّى لاَ تُبَالِي من أكل الدنيا.
وقيل لَهُ: مَا الزُّهْدُ? قَالَ: القُنُوعُ. قِيْلَ: مَا الوَرَعُ? قَالَ: اجْتنَابُ المَحَارِمِ. قِيْلَ: مَا العِبَادَةُ? قَالَ: أَدَاءُ الفَرَائِضِ. قِيْلَ: مَا التَّوَاضُعُ? قَالَ: أَنْ تَخضَعَ لِلْحقِّ. وَقَالَ: أَشدُّ الوَرَعِ فِي اللسان.