الشُّوْرَى فِي السَّابِقَةِ وَالجَلاَلَةِ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِئَلاَّ يَبْقَى لَهُ فِيْهِ شَائِبَةُ حَظٍّ، لأَنَّهُ خَتَنُهُ وَابْنُ عَمَّه، وَلَوْ ذَكَرَهُ فِي أَهْلِ الشُّوْرَى لَقَالَ الرَّافِضِيُّ: حَابَى ابْنَ عَمَّه، فَأَخْرَجَ مِنْهَا وَلَدَهُ وَعَصَبَتَهُ، فَكَذَلِكَ فليكن العمل لله.
وتراهُ يُبيِّنُ فضل العشرة المبشرين بالجنة، وينعى على الرافضة الذين رفضوا التسعة، واعترفوا بفضل عليٍّ حَسْب، ويبين ذلك في أوضح بيان فيقول في "السير" "3/ 93": فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ مِنْ سِيْرَةِ العَشَرَةِ، وَهُمْ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وَأَفْضَلُ السَّابِقِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ، وَأَفْضَلُ البَدْرِيِّيْنَ، وَأَفْضَلُ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، وَسَادَةُ هَذِهِ الأمَّة فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَأَبْعَدَ اللهُ الرَّافِضَةَ مَا أَغْوَاهُمْ، وَأَشَدَّ هَوَاهُمْ، كَيْفَ اعْتَرَفُوا بِفَضْلِ وَاحِدٍ مِنْهُم، وَبَخَسُوا التِّسْعَةَ حَقَّهُمْ! وَافْتَرَوْا عَلَيْهِمْ بِأنَّهُمْ كَتَمُوا النص عَلِيٍّ أَنَّهُ الخَلِيْفَةُ؟ فَوَاللهِ مَا جَرَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَأَنَّهُمْ زَوَّرُوا الأَمْرَ عَنْهُ بِزَعْمِهِمْ، وَخَالَفُوا نَبِيَّهُمْ، وَبَادَرُوا إِلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ مِنْ بني تيم، يتجر ويتكسب، لاَ لِرَغْبَةٍ فِي أَمْوَالِهِ، وَلاَ لِرَهْبَةٍ مِنْ عَشِيْرَتِهِ وَرِجَالِهِ، وَيْحَكَ أَيَفْعَلُ هَذَا مَنْ لَهُ مسْكَةُ عَقْلٍ؟! وَلَوْ جَازَ هَذَا عَلَى وَاحِدٍ لَمَا جَازَ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَلَوْ جَازَ وُقُوْعُهُ مِنْ جَمَاعَةٍ، لاَسْتَحَالَ وُقُوْعُهُ وَالحَالَةُ هَذِهِ مِنْ أُلُوْفٍ مِنْ سَادَةِ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، وَفُرْسَانِ الأُمَّةِ، وَأَبْطَالِ الإِسْلاَمِ، لَكِنْ لاَ حِيْلَةَ فِي بُرْء الرَّفْضِ، فَإِنَّهُ دَاءٌ مُزْمِنٌ، وَالهُدَى نُوْرٌ يَقْذِفُهُ اللهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ، فَلاَ قُوَّةَ إلا بالله.
وتراه يُنافح عن مسطح بن أثاثة بأوجز عبارة وأخصر بيان؛ فقال في "السير" "3/ 120": إياك يا جري أن تنظر إلى مسطح بن أثاثة هذا البدري شذرًا لِهَفْوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ، فَإِنَّهَا قَدْ غُفِرَتْ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِيَّاك يَا رَافِضِيُّ أَنْ تُلَوِّحَ بِقَذْفِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ بَعْدَ نُزُوْلِ النَّصِّ في براءتها، فتجب لك النار.
ويبين أن ضمة القبر لسعد بن معاذ ليست من عذاب القبر بأوجز بيان، فقال في "السير" "3/ 178":
إن ضمة القبر لسعد بن معاذ لَيْسَتْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ يَجِدُهُ المُؤْمِنُ، كَمَا يَجِدُ أَلَمَ فَقْدِ وَلَدِهِ وَحَمِيْمِهِ فِي الدُّنْيَا، وَكَمَا يَجِدُ مِنْ أَلَمِ مَرَضِهِ، وَأَلَمِ خُرُوْجِ نَفْسِهِ، وَأَلَمِ سُؤَالِهِ فِي قَبْرِهِ وَامْتِحَانِهِ، وَأَلَمِ تَأَثُّرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَأَلَمِ قِيَامِهِ مِنْ قَبْرِهِ، وَأَلَمِ الموقف وهوله، وألم الورود وعلى النَّارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الأَرَاجِيْفُ كُلُّهَا قَدْ تَنَالُ العَبْدَ، وَمَا هِيَ مِنْ