وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيْحُ، الكِتَابِ وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، رُبَّمَا يَهِمُ.
وَقَالَ عَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ أَبُو عَوَانَةَ صَحِيْحَ الكِتَابِ، ثَبْتاً، كَثِيْرَ العَجْمِ، وَالنَّقطِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: مَا أَشْبَهَ حَدِيْثَهُ بِحَدِيْثِ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ.
وَقَالَ عَفَّانُ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: إِنْ حَدَّثَكُم أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فصدقوه.
قال الحافظ بن عَدِيٍّ: كَانَ مَوْلاَهُ يَزِيْدُ قَدْ خَيَّرَهُ بَيْنَ الحُرِّيَّةِ، وَكِتَابَةِ الحَدِيْثِ، فَاخْتَارَ كِتَابَةَ الحَدِيْثِ. وَفَوَّضَ إِلَيْهِ مَوْلاَهُ التِّجَارَةَ، فَجَاءهُ سَائِلٌ، فَقَالَ: أَعْطِنِي دِرْهَمَيْنِ، فَإِنِّي أَنْفَعُكَ. فَأَعْطَاهُ، فَدَارَ السَّائِلُ عَلَى رُؤَسَاءِ البَصْرَةِ، وَقَالَ: بَكِّرُوا عَلَى يَزِيْدَ بنِ عَطَاءٍ، فَإِنَّهُ قَدْ أَعتَقَ أَبَا عَوَانَةَ. قَالَ: فاجتمعوا إلى يزيد، وهنئوه، فَأَنِفَ مِنْ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ، فَأَعْتَقَهُ حَقِيْقَةً.
وَرَوَى أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى هَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَهُوَ مَرِيْضٌ أَعُوْدُهُ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَوانة! ادْعُ اللهَ أَنْ لاَ يُمِيْتَنِي حَتَّى يَبلُغَ وَلَدِي الصِّغَارُ. فَقُلْتُ: إِنَّ الأَجَلَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: أَنْتَ بَعْدُ فِي ضَلاَلِكَ.
قُلْتُ: بِئْسَ المَقَالُ هَذَا، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ سَابِقٍ، وَلَكِنْ وَإِنْ كَانَ الأَجَلُ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، فَإِنَّ الدُّعَاءَ بِطُوْلِ البَقَاءِ قَدْ صَحَّ. دَعَا الرَّسُوْلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَادمِهِ أَنَسٍ بِطُوْلِ العُمُرِ1، وَاللهُ يَمحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ. فَقَدْ يَكُوْنُ طُوْلُ العُمُرِ فِي عِلْمِ اللهِ مَشْرُوطاً بِدُعَاءٍ مُجَابٍ، كَمَا أَنَّ طَيَرَانَ العُمُرِ قَدْ يَكُوْنُ بِأَسبَابٍ جَعَلَهَا مِنْ حور وَعَسْفٍ، وَ"لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ"2، والكتاب الأول فلا يتغير.