قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: قَالَ زُفَر: مَنْ قَعَدَ قَبْلَ وَقْتِهِ، ذَلَّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَعرِضُ الأَحَادِيْثَ عَلَى زُفَرَ، فَيَقُوْلُ: هَذَا نَاسِخٌ، هَذَا مَنْسُوْخٌ، هَذَا يُؤْخَذُ بِهِ، هَذَا يُرفَضُ.
قُلْتُ: كَانَ هَذَا الإِمَامُ مُنْصِفاً فِي البَحثِ مُتَّبِعاً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، قَالَ: لَقِيْتُ زُفَرَ -رَحِمَهُ اللهُ- فَقُلْتُ لَهُ: صِرْتُمْ حَدِيْثاً فِي النَّاسِ وَضُحْكَةً. قَالَ: وَمَا ذَاكَ? قُلْتُ: تقولون: "ادرءوا الحدود بالشبهات"1، ثم جِئْتُم إِلَى أَعْظَمِ الحُدُوْدِ، فَقُلْتُم: تُقَامُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ: وَمَا هُوَ? قُلْتُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" 2. فَقُلْتُم: يُقْتَلُ بِهِ -يَعْنِي بِالذِّمِّيِّ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ السَّاعَةَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: هَكَذَا يَكُوْن العَالِمُ وَقَّافاً مَعَ النَّصِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ زُفَر سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الحَدِيْثِ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: قَدْ حَكمَ لَهُ إِمَامُ الصَّنعَةِ بِأَنَّهُ ثقة، مأمون.