وَقَالَ ابْنُ أَبِي الحَوارِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُطَرِّف: كَانَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعِظَ أَحَداً، كَتبَ فِي أَلوَاحِه، ثُمَّ نَاوَلَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ صَالِحٍ يَقُوْلُ: فَتَّشتُ الوَرَعَ، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ أَقَلَّ مِنَ اللِّسَانِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْفِيُّ، عَنْ أَبِي نُعيم، قَالَ: كَتَبتُ عَنْ ثَمَانِ مائَةِ مُحَدِّثٍ، فَمَا رَأَيتُ أَفْضَلَ مِنَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِلْحَسَنِ بنِ صَالِحٍ قَوْمٌ يُحَدِّثُوْنَ عَنْهُ بِنُسخٍ، فَعِندَ سلمة بنِ عَبْدِ المَلِكِ العُوْصِيِّ عَنْهُ نُسْخَةٌ، وَعِنْدَ أَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ عَنْهُ نُسْخَةٌ، وَعِنْدَ يَحْيَى بنِ فُضَيل عَنْهُ نُسْخَةٌ ... , إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً مُجَاوِزَ المِقْدَارِ، وَهُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ: مَا لَهُ رِوَايَةٌ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"، بَلْ ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ1، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ. وَقَدْ قَالَ وَكِيْعٌ: كَانَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ وَأَخُوْهُ وأمهما قد جزءوا اللَّيْلَ ثَلاَثَةَ أَجزَاءٍ، فُكُلُّ وَاحِدٍ يَقُوْمُ ثُلُثاً، فَمَاتَتْ أُمُّهُمَا، فَاقْتَسَمَا اللَّيْلَ، ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ، فَقَامَ الحَسَنُ اللَّيْلَ كُلَّهُ.
وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً الخَوْفُ أَظهرُ عَلَى وَجْهِهِ وَالخُشُوْعُ مِنَ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، قَامَ لَيْلَةً بـ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النَّبَأُ: 1] ، فَغُشي عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْتِمْهَا إِلَى الفَجْرِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: رُبَّمَا أَصْبَحتُ وَمَا مَعِيَ دِرْهَمٌ، وَكَأَنَّ الدُّنْيَا قَدْ حِيْزَتْ لِي.
وَعَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ، قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيْفتَحُ لِلْعبدِ تِسْعَةً وَتِسْعِيْنَ بَاباً مِنَ الخَيْرِ، يُرِيْدُ بِهَا بَاباً مِنَ الشَّرِّ.
وَعَنْهُ: أَنَّهُ بَاعَ مَرَّةً جَارِيَةً، فَقَالَ: إِنَّهَا تَنَخَّمت عِنْدَنَا مَرَّةً دَماً.
قَالَ وَكِيْعٌ: حَسَنُ بنُ صَالِحٍ عِنْدِي إِمَامٌ. فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهُ لاَ يَتَرحَّمُ عَلَى عُثْمَانَ. فقال: أفتترحم أنت على الحجاج؟
قُلْتُ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي هَذَا المِثَالِ. وَمُرَادُهُ: أَنْ تَرْكَ التَّرَحُّمِ سُكُوْتٌ، وَالسَّاكتُ لاَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَلَكِنْ مَنْ سَكَتَ عَنْ تَرحُّمِ مِثْلِ الشَّهِيْدِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ، فَإِنَّ فيه شيئًا من