1101- المُقَنَّع 1:

هُوَ عَطَاءٌ المُقَنَّعُ، السَّاحِرُ، العَجَمِيُّ، الَّذِي ادَّعَى الربوبية من طريق المنَاسِخِ، وَرَبطَ النَّاسَ بِالخَوَارِقِ وَالأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، وَالإِخبَارِ عَنْ بَعْضِ المُغَيَّبَاتِ، حَتَّى ضَلَّ بِهِ خَلاَئِقُ مِنَ الصُّمِّ وَالبُكْمِ. وَادَّعَى أَنَّ اللهَ تَحوَّلَ إِلَى صُوْرَةِ آدَمَ، وَلِذَلِكَ أَمرَ المَلاَئِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَأَنَّهُ تَحوَّلَ إِلَى صُوْرَةِ نُوْحٍ، ثُمَّ إِبْرَاهِيْمَ، وَإِلَى حُكَمَاءِ الأَوَائِلِ، ثُمَّ إِلَى صُوْرَةِ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ إِلَيْهِ فَعَبَدُوْه وَحَارَبُوا دُوْنَهُ، مَعَ مَا شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُوْرتِهِ، وَسَمَاجَةِ وَجْهِهِ المشَوَّه.

كَانَ أَعْوَرَ، قَصِيْراً، أَلْكَنَ، اتَّخَذَ وَجْهاً مِنَ الذَّهَبِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: المُقَنَّعُ. وَمِمَّا أَضَلَّهُم بِهِ مِنَ المَخَارِيقِ: قَمَرٌ ثانٍ يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ، حَتَّى كَانَ يَرَاهُ المُسَافِرُوْنَ مِنْ مَسِيْرَةِ شَهْرَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ:

أَفِقْ أَيُّهَا البَدْرُ المُقَنَّعُ رَأْسُهُ ... ضَلاَلٌ وَغَيٌّ مِثْلُ بَدْرِ المُقَنَّعِ

وَلابْنِ سَنَاءِ المُلْكِ:

إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ المُقَنَّعِ طَالِعاً ... بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي المُعَمَّمِ

وَلَمَّا اسْتفحَلَ البَلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ، تَجَهَّزَ الجَيْشُ إِلَى حَرْبِه، وَحَاصَرُوْهُ فِي قَلْعَتِهِ بِطَرَفِ خُرَاسَانَ وَقِيْلَ: بِمَا وَرَاءَ النَّهرِ، انْتُدِبَ لِحَرْبِهِ مُتَولِّي خُرَاسَانَ مُعَاذُ بنُ مُسْلِمٍ، وَجِبْرِيْلُ الأَمِيْرُ، وَلَيْثٌ مَوْلَى المَهْدِيِّ، وَالقَلْعَةُ هِيَ مِنْ أَعْمَالِ كَشٍّ، وَطَالَ الحِصَارُ نَحْوَ عَامَيْنِ، فَلَمَّا أَحسَّ المَلعُوْنُ بِالهَلاَكِ، مَصَّ سُمّاً، وَسَقَى حَظَايَاهُ السُّمَّ، فَمَاتُوا وَأُخِذَتِ القَلْعَةُ، وَقُطِعَ رَأْسُهُ وَبَعَثَوا بِهِ عَلَى قَنَاةٍ إِلَى المَهْدِيِّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، فَوَافَاهُ بِحَلَبَ، وَهُوَ يجهِّز العَسَاكِرَ لِغَزْوِ الرُّوْمِ مَعَ وَلَدِه هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ، فَكَانَتْ غَزْوَةً عُظْمَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015