عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٍ. فَقُلْتُ: مَنْ كَانَ يَكْتُبُ هَذَا الصَّدْرَ? قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُوْرٌ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُهُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ الفَرَّاءِ, قَالَ: كَتبَ سُفْيَانُ إِلَى المَهْدِيِّ مَعَ عِصَامِ جَبْرٍ: طَرَدْتَنِي، وَشَرَّدْتَنِي، وَخَوَّفْتَنِي، وَاللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأَرْجُو أَنْ يَخِيْرَ اللهُ لِي قَبْلَ مَرْجُوْعِ الكِتَابِ. فَرَجَعَ الكِتَابُ وَقَدْ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أُدْخِلْتُ عَلَى المَهْدِيِّ بِمِنَىً فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ طَلَبْنَاكَ فَأَعجَزْتَنَا فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَاءَ بِكَ فَارْفعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ. فَقُلْتُ: قَدْ مَلأتَ الأَرْضَ ظُلْماً، وَجَوْراً فَاتَّقِ اللهَ، وَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ عِبرَةً. فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيتَ إِنْ لَمْ أَسْتطِعْ دَفْعَهُ? قَالَ: تخليه، وَغَيْرَكَ. فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ. قُلْتُ: أَبْنَاءُ المُهَاجِرِيْنَ، وَالأَنْصَارِ، وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ بِالبَابِ فَاتَّقِ اللهَ، وَأَوْصِلْ إِلَيْهِم حُقُوقَهُم. فَطَأطَأَ رَأْسَه فَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ: أَيُّهَا الرَّجُلُ ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ. قُلْتُ:، وَمَا أَرْفَعُ? حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: حَجَّ عُمَرُ فَقَالَ لِخَازنِهِ: كَمْ أَنفَقْتَ? قَالَ: بَضْعَةَ عَشَرَ دِرْهَماً.، وَإِنِّيْ أَرَى هَا هُنَا أُمُوْراً لاَ تُطِيْقُهَا الجِبَالُ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:، حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي: لَقِيَنِي الثَّوْرِيُّ بِمَكَّةَ فَأَخذَ بِيَدِي، وَسَلَّم عَلَيَّ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَإِذَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَاعِدٌ عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُهُ، وَكَانَ، وَالِيَ مَكَّةَ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي المُسْلِمِيْنَ أَحَداً أَغَشَّ لَهُم مِنْكَ. فَقَالَ سُفْيَانُ: كُنْتُ فِيْمَا هُوَ أَوجبُ عَلَيَّ مِنْ إِتْيَانِكَ إِنَّهُ كَانَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلاَةِ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ أَنَّهُ قَدْ جَاءهُ قَوْمٌ فَأَخبَرُوْهُ أَنَّهُم قَدْ رَأَوُا الهِلاَلَ هِلاَلَ ذِي الحِجَّةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَصعَدُ الجِبَالَ ثُمَّ يُؤْذِنُ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَيَدُهُ فِي يَدِي، وَتَرَكَ عَبْدَ الصَّمَدِ قَاعِداً عَلَى البَابِ فَأَخَرَجَ إِلَيَّ سُفرَةً فِيْهَا فَضْلَةٌ مِنْ طَعَامٍ: خُبْزٍ مُكَسَّرٍ وَجُبنٍ, فَأَكَلنَا. قَالَ: فَأَخَذَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ, فَذَهَبَ بِهِ إِلَى المَهْدِيِّ وَهُوَ بِمِنَىً فَلَمَّا رَآهُ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: ما هذه الفساطيط? ما هذه السرادقات?.
قَالَ عَطَاءٌ الخَفَّافُ: مَا لَقِيْتُ سُفْيَانَ إلَّا بَاكِياً فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ? قَالَ: أَتَخوَّفُ أَنْ أَكُوْنَ فِي أُمِّ الكِتَابِ شَقِيّاً.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: جَرَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ سُفْيَانَ إِلَى الفَضَاءِ فَتَحَامَقَ عَلَيْهِ, لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْهُ, فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ يَتحَامَقُ أَرْسَلَه، وَهَرَبَ هُوَ..، وَذَكَرَ الحِكَايَةَ. رَوَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ الوَلِيْدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَخِي رُسْتَه عَنْهُ.