قَالَ الخُرَيْبِيُّ: مَا رَأَيتُ أَفْقَهَ مِنْ سُفْيَانَ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: جَالَسْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ، وَصَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ، وَزَيْدَ بنَ أَسْلَمَ, فَمَا رَأَيتُ فِيْهِم مِثْلَ سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو قَطَنٍ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: إِنَّ سُفْيَانَ سَادَ النَّاسَ بِالوَرَعِ، وَالعِلْمِ. وَقَالَ قَبِيْصَةُ: مَا جَلَسْتُ مع سفيان مجلسًاإلَّا ذَكَرتُ المَوْتَ مَا رَأَيتُ أَحَداً كَانَ أَكْثَرَ ذِكْراً لِلْمَوْتِ مِنْهُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ خُبَيْقٍ, عَنْ يُوْسُفَ بنِ أَسْبَاطٍ: قَالَ لِي سُفْيَانُ بَعْدَ العِشَاءِ: نَاوِلْنِي المِطْهَرَةَ أَتَوَضَّأْ. فَنَاوَلْتُهُ فأخذها بيمينه، ووضع يساره عَلَى خَدِّهِ فَبَقِيَ مُفَكِّراً، وَنِمْتُ ثُمَّ قُمْتُ، وَقْتَ الفَجْرِ فَإِذَا المِطْهَرَةُ فِي يَدِهِ كَمَا هِيَ فَقُلْتُ: هَذَا الفَجْرُ قَدْ طَلعَ فَقَالَ: لَمْ أَزَلْ مُنْذُ نَاوَلْتَنِي المِطْهَرَةَ أَتَفَكَّرُ فِي الآخِرَةِ, حَتَّى السَّاعَةَ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: سُئِلَ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَهُوَ يَشْتَرِي شَيْئاً, فَقَالَ: دَعنِي فَإِنَّ قَلْبِي عِنْدَ دِرْهَمِي.
وَرَوَى مُوْسَى بنُ العَلاَءِ عَنْ حُذَيْفَةَ المَرْعَشِيِّ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: لأَنْ أُخَلِّفَ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ يُحَاسِبُنِي اللهُ عَلَيْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحتَاجَ إِلَى النَّاسِ.
وَقَالَ رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ المَالُ فِيْمَا مَضَى يُكْرَهُ فَأَمَّا اليَوْمَ فَهُوَ تُرْسُ المُؤْمِنِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الثَّوْرِيِّ يُشَاوِرُهُ فِي الحَجِّ قَالَ: لاَ تَصْحَبْ مَنْ يُكرَمُ عَلَيْكَ فَإِنْ سَاوَيتَه فِي النفقة أضربك، وَإِنْ تَفَضَّلَ عَلَيْكَ اسْتَذَلَّكَ.
وَنَظَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، وَفِي يَدِهِ دَنَانِيْرُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تُمْسِكُ هَذِهِ الدَّنَانِيْرَ قَالَ: اسْكُتْ فَلَوْلاَهَا لتمندل بنا الملوك.
قلت: قَدْ كَانَ سُفْيَانُ رَأْساً فِي الزُّهدِ، وَالتَّأَلُّهِ، وَالخَوْفِ رَأْساً فِي الحِفْظِ رَأْساً فِي مَعْرِفَةِ الآثَارِ رَأْساً فِي الفِقْهِ لاَ يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ، وَاغْتُفِرَ لَهُ غَيْرُ مَسْأَلَةٍ اجْتَهَدَ فِيْهَا، وَفِيْهِ تَشَيُّعٌ يَسِيْرٌ كَانَ يُثَلِّثُ بِعَلِيٍّ، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ بَلَدِهِ أَيْضاً فِي النَّبِيذِ، وَيُقَالُ: رَجَعَ عَنْ كل ذَلِكَ.، وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى المُلُوْكِ، وَلاَ يَرَى الخُرُوْجَ أَصْلاً، وَكَانَ يُدَلِّسُ فِي رِوَايَتِهِ، وَرُبَّمَا دَلَّسَ عَنِ الضُّعَفَاءِ، وَكَانَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ مُدَلِّساً لَكِنْ مَا عُرِفَ لَهُ تَدْلِيْسٌ عَنْ ضَعِيْفٍ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ دَاوُدَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ: لِي إِحْدَى وَسِتُّوْنَ سَنَةً.