رجل فاضل، صحيح الذهن، اشتغل ورحل، وكتب الكثير، وله تصانيف واختصارات مفيدة، وله معرفة بشيوخ القراءات.
سادسا: من آرائه في العقيدة، والفقه، والحديث
لقد كان الذهبي -رحمه الله تعالى- واسع العلم جدا غزير المعرفة في كل العلوم الشرعية من عقيدة، وفقه، وحديث وقراءات، وأصول، وغيرها؛ يظهر ذلك من خلال مؤلفات الكثيرة المتنوعة التي تتركز على الأخذ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وفهمها على النحو الذي فهمه السلف الصالح، وترك ما يخالفها، وتنقية السنة المشرفة من الزغل الدخيل الذي وضعه الأفاكون وانتحله المبطلون وتجديد ما اندرس من معالم الدين القويم، وتحذير المسلمين من خرافات وترهات الصوفية التي شوهت جمال الدين وبهاءه, ونبذ التقليد الأعمى المقيت الخالي عن الدليل.
ولقد أبان الحافظ الذهبي -رحمه الله- منهج أهل السنة والجماعة، وأبان الصراط المستقيم الذي يعد وسطا بين المغالين من أهل التنطع والتشدد من الخوارج وبين المفرطين والمضيعين لهدى وسنن خير المرسلين من أهل الإرجاء وغيرهم.
لقد دعا الحافظ -رحمه الله- إلى إثبات صفات الله تعالى كما جاءت عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم دون تأويل أو تكييف أو تمثيل، يظهر ذلك من ردوده على أصحاب الأقوال الشاذة من الفرق والنحل التي تنكبت طريق خير المرسلين وصحابته الغر الميامين بعدم إمرار صفات الله كما جاءت، وهذا مبثوث في أقواله التي ذكرناها وحرصنا على أن ننقلها كما هي ليقف القارئ الكريم على علمه الجم الغزير، ومنافحته عن عقيدة أهل السنة والجماعة برد شبه الزيغ والارتياب لهاتيك الفرق التي تنكبت الطريق.
لقد كان الحافظ -رحمه الله تعالى- رأسا في معرفة الحلال والحرام، وهذا واضح جلي من بيانه وردوده في كثير من المسائل التي نقلناها من كلامه المبثوث في هذا الكتاب ليعلم القارئ الكريم أن الحافظ -رحمه الله- كان راسخ القدم في علم الفقه، وأنه وصل فيه إلى مرتبة سنية ودرجة علية قل أن يصل إليها عالم من علماء زماننا، وهذا واضح في فتاويه الدقيقة السديدة، والتي لو عرضت على فقهاء زماننا لضلوا عن الحق وأخطئوه.
لقد كان الحافظ -رحمه الله تعالى- رأسا في علم التراجم والتاريخ سبق فيه من سلف، ولم يستطع اللحاق به من خلف؛ فترجم لكثير من الملوك، والأمراء، والوزراء، والأطباء،