وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى يَتَنَاظَرَانِ فِي ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ, فَقَدَّمَ أَحْمَدَ المَخْرَمِيَّ فَقَالَ يَحْيَى: المَخْرَمِيُّ شَيْخٌ? وَأَيْش عِنْدَهُ? وَأَطرَى ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ, وَقَدَّمَهُ عَلَى المَخْرَمِيِّ تَقْدِيْماً كَثِيْراً, مُتَفَاوِتاً. فَذَكَرْتُ هَذَا لِعَلِيٍّ, فَوَافَقَ يَحْيَى. وَسَأَلْتُ عَلِيّاً عَنْ سَمَاعِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. فَقَالَ: هِيَ مُقَارَبَةٌ, وهي عرض.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مِنْ أَورَعِ النَّاسِ, وَأَفَضْلِهِم, وَكَانُوا يَرْمُوْنَهُ بِالقَدَرَ, وَمَا كَانَ قَدَرِيّاً. أَخْبَرَنِي أَخُوْهُ قَالَ: كَانَ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً فَقَدِمَ رَجُلٌ فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجْفَةِ الشَّامِ فَأَقْبَلَ يُحَدِّثُهُ وَيَسْتَمِعُ لَهُ, وَكَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ إِفَطَارَهُ فَقُلْتُ لَهُ: قُمْ تَغَدَّ. قَالَ: دَعْهُ اليَوْمَ فَسَرَدَ مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ إِلَى أَنْ مَاتَ. وَكَانَ شَدِيْدَ الحَالِ, وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً, وَكَانَ يَتَشَبَّبُ فِي حَدَاثتِهِ حَتَّى كَبِرَ, وَطَلَبَ الحَدِيْثَ وَقَالَ: لَوْ طَلَبْتُ وَأَنَا صَغِيْرٌ كُنْتُ أَدْرَكتُ المَشَايِخَ فَفَرَّطْتُ فِيْهِم كُنْتُ أَتَهَاوَنُ وَكَانَ يَحفَظُ الحَدِيْثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ يُشَبَّهَ بَابْنِ المُسَيِّبِ, وَمَا كَانَ هُوَ وَمَالِكٌ فِي مَوْضِعٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ إلَّا تَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِالحَقِّ, وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ, وَمَالِكٌ سَاكِتٌ.
قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا حَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي الزُّهْرِيِّ? فَقَالَ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: هُوَ ثِقَةٌ مَرْضِيٌّ. وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيّاً عَنْهُ, فَقَالَ: كَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً, وَكَانُوا يُوَهِّنُوْنَهُ فِي أَشْيَاءَ رَوَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ, فَوَثَّقَهُ وَلَمْ يَرْضَهُ فِي الزُّهْرِيِّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ, وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: اشْتَكَى بالكوفة وبها مات.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَبْعَثُ بِهَا ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئاً مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ1. صَحِيْحٌ, عَالٍ.
قِيْلَ: أَلَّفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كِتَاباً كَبِيْراً في السنن.