قَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ لِحِفْظِهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: نَظَرْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَمَا، وَجَدْتُ عَلَيْهِ إلَّا فِي حَدِيْثَيْنِ، وَيُمكِنُ أَنْ يَكُوْنَا صَحِيْحَيْنِ.

وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: الَّذِي يُذكَرُ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مِنْ قَوْلِهِ: كَيْفَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِي? لَوْ صَحَّ هَذَا مِنْ هِشَامٍ لَجَازَ أَنْ تَكتُبَ إِلَيْهِ فَإِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَرَوْنَ الكِتَابَ جَائِزاً لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- كَتَبَ لأَمِيْرِ السَّرِيَّةِ كِتَاباً فَقَالَ لَهُ: "لاَ تَقْرَأْهُ حتى تبلغ موضع، وكذا، وَكَذَا" فَلَمَّا بَلَغَهُ قَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الخُلَفَاءُ، وَالأَئِمَّةُ يُفْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِم إِلَى بَعْضٍ.، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهَا، وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا.

قُلْتُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِهِمَا, كَمَا أَخَذَ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنِ الصَّحَابِيَّاتِ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُوْنَ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَرَآهَا وَهُوَ صَبِيٌّ, فَحَفِظَ عَنْهَا مَعَ احْتمَالِ أَنْ يَكُوْنَ أَخَذَ عَنْهَا حِيْنَ كَبِرَتْ وَعَجِزَتْ، وَكَذَا يَنْبَغِي فَإِنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ هِشَامٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ فَقَدْ سَمِعَتْ مِنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ، وَلَمَّا رَوَتْ لابْنِ إِسْحَاقَ كَانَ لَهَا قَرِيْبٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ الكُبَرَاءُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى الأَخْذِ عَنْهُ مِنْهُم: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالحَمَّادَانِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ.، وَقَدِ اخْتَبَرَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ فَرَأَوْا صِدْقاً، وَخَيْراً مَعَ مَدْحِ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ، وَقَدْ ذَاكَرتُ دُحَيْماً قَوْلَ مَالِكٍ فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْحَدِيْثِ إِنَّمَا هُوَ لأَنَّهُ اتهم بالقدر.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ النَّاسُ, يَشْتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَكَانَ يُرْمَى بِغَيْرِ نَوعٍ مِنَ البِدَعِ.

وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ, عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَتَعَلَّمُ فَأَغْفَى إِغْفَاءةً فَقَالَ: إِنِّيْ رَأَيتُ فِي المَنَامِ السَّاعَةَ: كَأَنَّ إِنْسَاناً دَخَلَ المَسْجِدَ، وَمَعَهُ حَبلٌ فَوَضَعَهُ فِي عُنُقِ حِمَارٍ فَأَخْرَجَهُ. فَمَا لَبِثْنَا أَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ رَجُلٌ مَعَهُ حَبلٌ حَتَّى، وَضَعَهُ فِي عُنُقِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَأَخْرَجَهُ قَالَ: فَذُهِبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَجُلِدَ. قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: مَنْ أَجْلِ القَدَرِ.

وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ, سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُرمَى بِالقَدَرِ، وَكَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015