1008- أبو أيوب المورياني 1:
وَزِيْرُ المَنْصُوْرِ, سُلَيْمَان بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الخُوْزِيُّ, تَمَكَّنَ مِنَ المَنْصُوْرِ تَمَكُّناً لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهِ, وَكَانَ أَوَّلاً كَاتِباً لِلأَمِيْرِ سُلَيْمَانَ بنِ حَبِيْبِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ, وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَنُوبُ عَنْ هَذَا الأَمِيْرِ فِي بَعْضِ كُوَرِ فَارِسٍ -فِيْمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ-. فَصَادَرَه, وَضَرَبَهُ, فلما صارت الخلافة إلى المنصور, قتله.
وكان المُوْرِيَانِيُّ قَدْ دَافَعَ عِنْدَ سُلَيْمَانَ كَثِيْراً عَنِ المَنْصُوْرِ, فَاسْتَوْزَرَهُ, ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ, وَنَسَبَهُ إِلَى أَخْذِ الأَمْوَالِ, وَأَضْمَرَ لَهُ, فَكَانَ كُلَّمَا هَمَّ بِهِ دَخَلَ أَبُو أَيُّوْبَ وَقَدْ دَهَنَ حَاجِبَيْهِ بدهن مسحور فسار فِي أَلْسِنَةِ العَامَّةِ: دُهْنُ أَبِي أَيُّوْبَ. ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَأْصَلَه وَعَذَّبَهُ, وَأَخَذَ مِنْهُ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً.
وَكَذَلِكَ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةُ قَرِيْبَةُ الرَّزِيَّةِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ, وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ العَالِمِ, وَلَهُ مُشَارَكَةٌ قَويَّةٌ فِي الأَدَبِ وَالفَلسَفَةِ, وَالحِسَابِ, وَالكِيْمِيَاءِ, وَالسِّحرِ, وَالنُّجُوْمِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِفَقِيْهٍ. وَكَانَ سَمْحاً جَوَاداً مُتَمَوِّلاً.
1009- بَشَّارُ بنُ بُرْدٍ 2:
شَاعِرُ العَصْرِ, أَبُو مُعَاذٍ البَصْرِيُّ, الضَّرِيْرُ, بَلَغَ شِعرُه الفَائِقُ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ. نَزَلَ بَغْدَادَ وَمَدَحَ الكُبَرَاءَ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي عُقَيْلٍ وَيُلَقَّبُ بِالمُرَعَّثِ لِلُبْسِه فِي الصِّغَرِ رِعَاثاً وَهِيَ الحلقُ وَاحِدُهَا رَعَثَةٌ وَوُلِدَ أَعْمَى.
قَالَ أَبُو تَمَّامٍ: هُوَ أَشعَرُ النَّاسِ والسيد الحميري1 في وقتهما. وهو القائل:
أَنَا وَاللهِ أَشْتَهِي سِحْرَ عَيْنَيْ ... كِ وَأَخْشَى مَصَارِعَ العُشَّاقِ
وَلَهُ:
هَلْ تَعْلَمِيْنَ وَرَاءَ الحُبِّ مَنْزِلَةً ... تُدْنِي إِلَيْكِ فَإِنَّ الحُبَّ أَقْصَانِي
قُلْتُ: اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ, فَضَرَبَهُ المَهْدِيُّ سَبْعِيْنَ سَوْطاً لِيُقِرَّ, فَمَاتَ مِنْهَا. وَقِيْلَ: كَانَ يُفَضِّلُ النَّارَ, وَيَنْتَصِرُ لإِبْلِيسَ. هَلَكَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ وَبَلغَ التسعين.