إِنَّهُ طَابَ لِي مِنْهَا عَشْرَةٌ, وَايْمُ اللهِ, لَوْ قُلْتُ: خَمْسَةٌ, لَبَرَرْتُ. قَالَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ. وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: مَا سَارِقٌ يَسرِقُ النَّاسَ بَأْسوَأَ عِنْدِي مَنْزِلَةً مِنْ رَجُلٍ أَتَى مُسْلِماً فَاشْتَرَى مِنْهُ مَتَاعاً إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً فَحَلَّ الأَجَلُ فَانْطَلقَ فِي الأَرْضِ, يَضرِبُ يَمِيْناً وَشِمَالاً يَطْلُبُ فِيْهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاللهِ لاَ يُصِيْبُ مِنْهُ دِرْهَماً إلَّا كَانَ حَرَاماً.

الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا سَكَنٌ صَاحِبُ الغَنَمِ قَالَ: جَاءنِي يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ بِشَاةٍ, فَقَالَ: بِعْهَا وَابْرَأْ مِنْ أَنَّهَا تَقْلِبُ العَلَفَ وَتَنْزِعُ الوَتَدَ, فَبَيِّنْ قَبْلَ أَنْ يقع البيع.

قال أبو عبد الرحمن المقرىء: نَشَرَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ ثَوْباً عَلَى رَجُلٍ فَسَبَّحَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ فَقَالَ: ارْفَعْ أَحْسِبُهُ قَالَ: مَا وَجَدْتَ مَوْضِعَ التَّسْبِيْحِ إلَّا هَا هُنَا؟.

وَعَنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنِي عن يونس فضل وصلاح فأحببت أن أَكْتُبَ إِلَيْهِ أَسْأَلُه فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَتَانِي كِتَابُكَ تَسْأَلُنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِمَا أَنَا عَلَيْهِ. فَأُخْبِرُكَ أَنِّي عَرَضتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لَهَا وَتَكْرَهَ لَهُم مَا تَكْرَهُ لَهَا فَإِذَا هِيَ مِنْ ذَاكَ بَعِيْدَةٌ ثُمَّ عَرَضتُ عَلَيْهَا مَرَّةً أُخْرَى تَرْكَ ذِكْرِهِم إلَّا مِنْ خَيْرٍ فَوَجَدتُ الصَّومَ فِي اليَوْمِ الحَارِّ أَيسَرَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ هَذَا أَمْرِي يَا أَخِي وَالسَّلاَمُ.

قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ:قِيْلَ: إِنَّ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ قَالَ إِنِّي لأعد مئة خَصلَةٍ مِنْ خِصَالِ البِرِّ مَا فِيَّ مِنْهَا خَصلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ قَالَ سَعِيْدٌ: عَنْ جَسْرٍ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ أَيَّامَ الأَضْحَى فَقَالَ: خُذْ لَنَا كَذَا وَكَذَا مِنْ شَاةٍ ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا أُرَاهُ يُتَقَبَّلُ مِنِّي شَيْءٌ قَدْ خَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.

قُلْتُ: كُلُّ مَنْ لَمْ يَخْشَ أَنْ يَكُوْنَ فِي النَّارِ فَهُوَ مَغْرُوْرٌ, قَدْ أَمِنَ مَكْرَ اللهِ بِهِ.

قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: عَنْ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ -أَوْ غَيْرِهِ- قَالَ: مَا كَانَ يُوْنُسُ بِأَكْثَرِهِم صَلاَةً وَلاَ صَوماً وَلَكِنْ -لاَ وَاللهِ- ما حضر حق لله إلَّا وهو متهيىء لَهُ.

قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ يُوْنُسُ: هَان عَلَيَّ أَنْ آخذَ نَاقِصاً, وَغَلَبَنِي أَنْ أُعْطِيَ رَاجِحاً وَقِيْلَ: إِنَّ يُوْنُسَ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ عِنْدَ المَوْتِ, وَبَكَى, فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: قَدَمَايَ لَمْ تَغْبَرَّ فِي سَبِيْلِ اللهِ.

قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ قَالَ: لاَ تَجِدُ مِنَ البِرِّ شَيْئاً وَاحِداً يَتبَعُهُ البِرُّ كُلُّه غَيْرَ اللِّسَانِ فَإِنَّكَ تَجِدُ الرَّجُلَ يُكثِرُ الصيام ويفطر عَلَى الحَرَامِ وَيَقُوْمُ اللَّيلَ وَيَشْهَدُ بِالزُّورِ بِالنَّهَارِ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا. وَلَكِنْ لاَ تَجِدُه لا يتكلمإلَّا بحق فيخالف ذلك عمله أبدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015