قَالَ الخَطِيْبُ: أَقْدَمَهُ المَهْدِيُّ بَغْدَادَ, وَرَدَّهُ ثُمَّ قَدِمَهَا, وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ فِي أَيَّامِ الرَّشِيْدِ قَدِمَ فِي صُحْبَةِ الرَّشِيْدِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ, وَحَبَسَه بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي مَحْبَسِه.

ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى العَلَوِيُّ, حَدَّثَنِي جَدِّي يَحْيَى بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, قَالَ: كَانَ مُوْسَى بنُ جَعْفَرٍ يُدْعَى: العَبْدَ الصَّالِحَ مِنْ عِبَادتِه وَاجْتِهَادِه.

رَوَى أَصْحَابُنَا: أَنَّهُ دَخَلَ مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَجَدَ سَجْدَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ, فَسُمِعَ وَهُوَ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِه: عَظُمَ الذَّنْبُ عِنْدِي, فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ, يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَيَا أَهْلَ المَغْفِرَةِ فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ.

وَكَانَ سَخِيّاً كَرِيْماً يَبلُغُه، عَنِ الرَّجُلِ أَنَّهُ يُؤذِيْه, فَيَبعَثُ إِلَيْهِ بِصُرَّةٍ فِيْهَا أَلفُ دِيْنَارٍ, وَكَانَ يَصُرُّ الصُّرَرَ بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمائَتَيْنِ, ثُمَّ يَقسِمُهَا بِالمَدِيْنَةِ, فَمَنْ جَاءتْه صُرَّةٌ, اسْتَغنَى حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ, مَعَ أَنَّ يَحْيَى بنَ الحَسَنِ مُتَّهَمٌ.

ثُمَّ قَالَ يَحْيَى هَذَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَكْرِيُّ قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ أَطْلُبُ بِهَا دَيْناً, فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ مُوْسَى بنَ جَعْفَرٍ, فَشَكَوتُ إِلَيْهِ. فَأَتَيْتُهُ بِنَقَمَى1 فِي ضَيْعَتِه فَخَرَجَ إِلَيَّ, وَأَكَلتُ مَعَهُ, فَذَكَرتُ لَهُ قِصَّتِي, فَأَعْطَانِي ثَلاَثَ مائَةِ دِيْنَارٍ. ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَذَكَرَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ آلِ عُمَرَ كَانَ بِالمَدِيْنَةِ يُؤذِيْهِ, وَيَشتُمُ عَلِيّاً, وَكَانَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ حَاشِيَتِه: دَعْنَا نَقْتُلْهُ فَنَهَاهُم وَزَجَرَهُم.

وَذُكِرَ لَهُ: أَنَّ العُمَرِيَّ يَزْدَرِعُ بِأَرْضٍ, فَرَكِبَ إِلَيْهِ فِي مَزرَعَتِه, فوجده فدخل بحماره, فصاح العمري: لا توطىء زرعنا فوطىء بِالحِمَارِ, حَتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ فَنَزَلَ عِنْدَه وَضَاحَكَه وَقَالَ: كَمْ غَرِمتَ فِي زَرعِكَ هَذَا قَالَ: مائَةُ دِيْنَارٍ قَالَ: فَكَم تَرجُو؟ قَالَ: لاَ أعلم الغيب وأرجو إن يجيئني مئتا دينار فأعطاه ثلاث مائة دينار. وَقَالَ: هَذَا زَرعُكَ عَلَى حَالِه فَقَامَ العُمَرِيُّ فَقَبَّلَ رَأْسَه وَقَالَ: اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسالاته وجعل لَهُ كُلَّ وَقْتٍ فَقَالَ: أَبُو الحَسَنِ لِخَاصَّتِه الَّذِيْنَ أَرَادُوا قَتْلَ العُمَرِيِّ أَيُّمَا هُوَ خَيْرٌ مَا أَرَدْتُم أَوْ مَا أَرَدْتُ أَنْ أُصلِحَ أَمرَهُ بِهَذَا المِقْدَارِ؟.

قُلْتُ: إِنْ صَحَّتْ, فَهَذَا غَايَةُ الحِلْمِ وَالسَّمَاحَةِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي سَعْدٍ, حدثني محمد بن الحسين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015