قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ, فَأَخرَجَ إِلَيْهِم رَغِيْفَيْنِ, فَأَكَلُوْهُمَا. فَدَخَلَ, فَأَخرَجَ لَهُم نِصْفَ حَبلِ قَتٍّ, فَوَضَعَهُ عَلَى الخِوَانِ, وَقَالَ: أَكَلتُم قُوتَ عِيَالِي, فَهَذَا قُوتُ شَاتِي, فَكُلُوْهُ.
وَخَرَجنَا فِي جِنَازَةٍ, وَرَجُل يَقُودُه, فَلَمَّا رَجَعنَا عَدَلَ بِهِ, فَلَمَّا أَصْحَرَ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ? أَنْتَ فِي جَبَّانَةِ كَذَا, وَلاَ أَرُدُّكَ حَتَّى تَملأَ أَلوَاحِي حَدِيْثاً قَالَ: اكْتُبْ. فَلَمَّا مَلأَ الأَلوَاحَ رَدَّهُ, فَلَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ دَفعَ أَلوَاحَه لإِنْسَانٍ, فَلَمَّا أَنِ انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِه تَعَلَّق بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلوَاحَ مِنَ الفَاسِقِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ فَاتَ, فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُك بِهِ كَذِبٌ. قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللهِ مِنْ أَنْ تَكذِبَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: قُلْتُ: لِلأَعْمَشِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الحَجَّامِيْنَ قلت: فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حَتَّى تَفرَغَ فَأَتَيْتُ جُنَيْداً الحَجَّامَ, وَكَانَ مُحَدِّثاً فَأَوصَيتُه فَقَالَ: نَعَمْ, فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعرِه قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ حَدِيْثُ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي المُسْتَحَاضَةِ فَصَاحَ صَيْحَةً وَقَامَ يَعدُو وَبَقِيَ نِصْفُ شَعرِه بَعْدَ شَهْرٍ غَيْرَ مَجزُوزٍ سَمِعَهَا عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ مِنْهُ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ, فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ, فَسَخَّرَه لِيَخُوضَ بِهِ نَهْراً. فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشَ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] ، فَلَمَّا تَوسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِين} [المُؤْمِنُوْنَ: 29] . ثُمَّ رَمَى بِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن محمد اللبان، أنبأنا أبو علي المقرىء، أنبأنا أبو نعيم, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ حَدَّثَنَا الأَبَّارُ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ, فَقُلْتُ: لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ قِرَاءتِي؟ قَالَ: مَا قَرَأَ عَلَيَّ عِلجٌ أَقرَأُ مِنْكَ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخُزَزِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيْلٌ كَبِيْرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ، عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيْفَةٍ فِي الصَّلاَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ لِحْيَتُه تَحْتملُ حِفْظَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَمَسَألتُه مَسْأَلَةُ صِبْيَانِ الكُتَّابِ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا سَألُوْهُ، عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يَحْفَظْهُ, جَلَسَ فِي الشَّمْسِ, فَيَعْرُكُ بِيَدَيْه عَيْنَيْهِ, فَلاَ يَزَالُ حتى يذكره.