قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ: تَحَنَّطَ مُحَمَّدٌ للموت, فقلت له: مالك بما ترى طاقة. فَالْحَقْ بِالحَسَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ نَائِبِكَ بِمَكَّةَ قَالَ: لَوْ رُحتُ لَقُتِلَ هَؤُلاَءِ فَلاَ أَرجِعُ وَأَنْتَ مِنِّي فِي سَعَةٍ.
وَقِيْلَ: نَاشَدَه غَيْرُ وَاحِدٍ اللهَ وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ تُبْتَلَوْنَ بِي مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ قَتَلَ رِيَاحاً وَعَبَّاسَ بنَ عُثْمَانَ, فَمَقَتَه النَّاسُ ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ, وَعَرقَبَ فَرَسَه, وَعَرقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُم وَكَسَرُوا أَجفَانَ سُيُوْفِهم, ثُمَّ حَمَلَ هُوَ, فَهَزَمَ القَوْمَ مَرَّتَيْنِ, ثُمَّ اسْتَدَارَ بَعْضُهم مِنْ وَرَائِهِ, وَشَدَّ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ, فَقَتَلَه, وَأَخَذَ رَأْسَه, وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ سَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُوْ الفِقَارِ فَجَاءهُ سَهْمٌ فَوَجَدَ المَوْتَ فَكُسِرَ السَّيفُ وَلَمْ يَصِحَّ بَلْ قِيْلَ: أَعْطَاهُ رَجُلاً كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مائَةِ دِيْنَارٍ, وَقَالَ: لَنْ تَلقَى طَالبِيّاً إلَّا وَأَخَذَه مِنْكَ, وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ, أَخَذَه مِنْهُ وَأَعْطَاهُ الدَّينَ.
وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ, فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ, سَنَةَ خَمْسٍ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: صَلَبَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَطِيْفَ بِالرَّأْسِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ذَهَبتْ طَائِفَةٌ مِنَ الجَارُوْدِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلاَ يَمُوْتُ حَتَّى يَملأَ الأَرْضَ عَدلاً وَخَلَّفَ مِنَ الأَوْلاَدِ: حَسَناً وَعَبْدَ اللهِ وَفَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ.