قَالَ سُفْيَانُ: فَذَاكرتُ الزُّهْرِيَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ, فَقَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ جَارِي, وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُحسِنُ مِثْلَ هَذَا.
وَرَوَى عُبَيْدُ اللهِ عَنْ عُمَرَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: لاَ تَكُوْنُ عَالِماً حَتَّى يَكُوْنَ فِيْكَ ثَلاَثُ خِصَالٍ: لاَ تَبغِ عَلَى مَنْ فَوْقَكَ, وَلاَ تَحقِرْ مَنْ دُوْنكَ, وَلاَ تَأخُذْ عَلَى عِلْمِكَ دُنْيَا.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: مَا أَحببتَ أَنْ يَكُوْنَ مَعَكَ فِي الآخِرَةِ فَاترُكْهُ اليَوْمَ وَقَالَ: انْظُرْ كُلَّ عَملٍ كَرهتَ المَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ فَاترُكْهُ ثُمَّ لاَ يَضرُّكَ مَتَى مِتَّ.
وَقَالَ: يَسِيْرُ الدُّنْيَا يُشغِلُ عَنْ كَثِيْرِ الآخِرَةِ. وَقَالَ: انْظُرِ الَّذِي يُصلِحُكَ فَاعملْ بِهِ, وَإِنْ كَانَ فَسَاداً لِلنَّاسِ وَانظُرِ الَّذِي يُفسِدُكَ فَدَعْهُ وَإِنْ كَانَ صَلاَحاً لِلنَّاسِ.
وَعَنْهُ قَالَ: شَيْئَانِ إِذَا عَمِلتَ بِهِمَا, أَصبتَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, لاَ أُطوِّلُ عَلَيْكَ. قِيْلَ: مَا هُمَا؟ قَالَ تَحْمِلُ مَا تَكرَهُ إِذَا أَحَبَّهُ اللهُ, وَتتركُ مَا تُحبُّ إِذَا كَرِهَهُ اللهُ.
وَعَنْهُ: نِعمَةُ اللهِ فِيْمَا زَوَى عَنِّي مِنَ الدُّنْيَا, أَعْظَمُ مِنْ نِعمَتِهِ فِيْمَا أَعْطَانِي مِنْهَا, لأَنِّي رَأَيْتُهُ أَعْطَاهَا قَوْماً فَهَلكُوا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ لِجُلسَائِهِ, وَحَلَفَ لَهُم: لَقَدْ رَضِيْتُ مِنْكُم أَنْ يُبقِيَ أَحَدُكُم عَلَى دِيْنِهِ كَمَا يُبْقِي عَلَى نَعْلِهِ.
أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُوْلُ: لاَ تُعَادِيَنَّ رَجُلاً وَلاَ تُنَاصِبنَّهُ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى سَرِيْرتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ, فَإِنْ يَكُنْ لَهُ سَرِيْرَةٌ حَسَنَةٌ, فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيَخذِلَهُ بِعَدَاوتِكَ, وَإِنْ كَانَتْ لَهُ سَرِيْرَةٌ رَدِيئَةٌ, فَقَدْ كَفَاكَ مَسَاوِئَهُ, وَلَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَعَاصِي اللهِ, لَمْ تَقْدِرْ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: قُلْتُ لأَبِي حَازِمٍ: إِنِّي لأَجِدُ شَيْئاً يُحزِنُنِي. قَالَ: وَمَا هُوَ يَا ابْنَ أَخِي؟ قُلْتُ: حُبِّي لِلدُّنْيَا قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا أُعَاتبُ نَفْسِي عَلَى بَعْضِ شَيْءٍ حَبَّبَهُ اللهُ إِلَيَّ لأَنَّ اللهَ قَدْ حَبَّبَ هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَيْنَا, لِتكُنْ مُعَاتبتُنَا أَنْفُسَنَا فِي غَيْرِ هَذَا إلَّا يَدْعُوْنَا حُبُّهَا إِلَى أَنْ نَأخذَ شَيْئاً مِنْ شَيْءٍ يَكرهُهُ اللهُ وَلاَ أَنْ نَمنعَ شَيْئاً مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّهُ اللهُ فَإِذَا فَعَلنَا ذَلِكَ لَمْ يَضرَّنَا حُبُّنَا إِيَّاهَا.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ ثَوَابَةَ بنِ رَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَمَا إِبْلِيْسُ؟ لَقَدْ عُصِيَ فَمَا ضَرَّ, وَلَقَدْ أُطِيْعَ فَمَا نَفعَ.