وَكَانَ إِذَا عَلِمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَعَادِياً, لَمْ يقبل شهادة ذا على ذا, ويقول: العَدَاوَةُ تُزِيلُ العَدَالَةَ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ جَهَّزَ مَنْ قَتَلَ أَبَا سَلَمَةَ الخَلاَّلَ الوَزِيْرَ بَعْدَ العَتَمَةِ غِيلَةً, بَعْدَ أَنْ قَامَ مِنَ السَّمَرِ عِنْدَ السَّفَّاحِ, فَقَالَتِ العَامَّةُ: قَتلَتْهُ الخَوَارِجُ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُهَاجِرٍ البَجَلِيُّ:
إِنَّ المَسَاءَةَ قَدْ تَسُرُّ وَرُبَّمَا ... كَانَ السُّرُوْرُ بِمَا كَرِهْتَ جديدا
إِنَّ الوَزِيْرَ وَزِيْرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أَوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ كَانَ وَزِيْرَا
قُتلَ بَعْدَ البَيْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَقِيْلَ: وَجَّهَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ السَّفَّاحِ مَشْيَخَةَ شَامِيِّينَ إِلَى السَّفَّاحِ لِيُعَجِّبَهُ مِنْهُم, فَحَلفُوا لَهُ: إِنَّهُم مَا عَلِمُوا لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَابَةً يَرِثُوْنَهُ سِوَى بَنِي أُمَيَّةَ, حَتَّى وُلِّيتُم.
وَعَنِ السَّفَّاحِ, قَالَ: إِذَا عَظمتِ القُدْرَةُ, قلَّتِ الشَّهْوَةُ, قَلَّ تَبرُّعٌ إلَّا وَمَعَهُ حَقٌّ مُضَاعٌ الصَّبْرُ حَسَنٌ إلَّا عَلَى مَا أَوْتَغَ1 الدِّيْنَ, وَأَوْهَنَ السُّلْطَانَ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: أَحضرَ السَّفَّاحُ جَوْهَراً مِنْ جَوَاهِرِ بَنِي أُمَيَّةَ, فَقسمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ. وَكَانَ يُضرَبُ بِجُوْدِ السَّفَّاحِ المَثَلُ. وَكَانَ إِذَا تَعَادَى اثْنَانِ مِنْ خَاصَّتِهِ, لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ, ويقول: الضغائن تولد العداوة.
وَكَانَ يَحضرُ الغنَاءَ مِنْ وَرَاءِ سِتَارَةٍ, كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَزْدَشِيْرُ, وَيُجزِلُ العَطَاءَ.
وَلَمَّا جِيْءَ بِرَأْسِ مَرْوَانَ الحِمَارِ, سَجَدَ للهِ, وَقَالَ: أَخَذْنَا بِثأْرِ الحُسَيْنِ وَآلِهِ, وَقَتَلنَا مائَتَيْنِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بِهِم.
وَقِيْلَ: إِنَّ السَّفَّاحَ أَعْطَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ أَلْفَيْ أَلْفِ درهم.