وَرَوَى الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ المَنْصُوْرُ لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: يَا أَبَا المُنْذِرِ تَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ أَنَا وَإِخْوَتِي مَعَ أَبِي, وَأَنْتَ تَشرَبُ سَوِيْقاً بِقَصَبَةِ يَرَاعٍ? فَلَمَّا خَرَجنَا, قَالَ أَبُوْنَا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه, فإنه لا يَزَالُ فِي قَوْمِكُم بَقِيَّةٌ مَا بَقِيَ؟ قَالَ: لاَ أَذْكُرُ ذَلِكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: فَلِيْمَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: لَمْ يُعَوِّدْنِي اللهُ فِي الصِّدْقِ إلَّا خَيْراً.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ تَضرِبُ أَطرَافَ مَنْكِبَيْهِ.
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنْ هِشَامٍ, قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا صَلَّى العَصْرَ, صَفَّنَا خَلْفَهُ, فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ, وَرَأَيْتُهُ يَصعَدُ المِنْبَرَ وَفِي يَدِهِ عَصَا, فَيُسَلِّمُ, ثُمَّ يَجْلِسُ, وَيُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُوْنَ, فَإِذَا فَرَغُوا قَامَ فَتَوَكَّأَ عَلَى العَصَا, فَخَطَبَ.
عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ, أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي قَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ? قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ. قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأخُذُ مائَةَ أَلْفٍ, لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا قَالَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ شَبَّ فِتْيَانٌ مِنْ فِتْيَانِنَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُم وَاتَّخَذْتُ لَهُم مَنَازِلَ وَأَوْلَمْتُ عَنْهُم خَشِيْتُ أَنْ يَنتَشِرَ عَلَيَّ مِنْ أَمرِهِم مَا أَكْرَهُ فَفَعَلتُ ثِقَةً بِاللهِ وَبأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ1. قَالَ: فَرَدَدَ عَلَيْهِ مائَةَ أَلْفٍ اسْتِعظَاماً لَهَا ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَأَعْطِنِي مَا أَعْطَيْتَ, وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفسِ, فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُوْرِكَ لِلْمُعْطِي وَالآخِذِ"2.
قَالَ: فَإِنِّي طَيِّبُ النَّفْسِ بها. هذا حديث مرسل.
وَرُوِيَ أَنَّ هِشَاماً أَهوَى إِلَى يَدِ أَبِي جَعْفَرٍ لِيُقَبِّلَهَا, فَمَنَعَهُ, وَقَالَ: يَا ابْنَ عُرْوَةَ! إنا نكرمك عنها, ونكرمها عن غيرك.