قَالَ البُخَارِيُّ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ كُلِّهَا: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَصحُّ أَسَانِيْدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيْدٍ: دَخَلَ أَبُو الزِّنَادِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ الأَتبَاعِ يَعْنِي: طَلَبَةَ العِلْمِ- مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ, فَمِنْ سَائِلٍ، عَنْ فَرِيْضَةٍ وَمِنْ سَائِلٍ، عَنِ الحِسَابِ وَمِنْ سَائِلٍ، عَنِ الشِّعرِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الحَدِيْثِ, وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ مُعضِلَةٍ.

وَرَوَى يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ, قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ, وَخَلْفَه ثَلاَثُ مائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَشِعْرٍ وَصُنُوفٍ, ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَه, وَأَقْبَلُوا عَلَى رَبِيْعَةَ, وَكَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: شِبْرٌ مِنْ حُظوَةٍ خَيْرٌ مِنْ بَاعٍ مِنْ عِلْمٍ.

وَنَقَلَ: أَبُو يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ, قَالَ: قَدِمتُ المَدِيْنَةَ, فَأَتَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ, وَرَأَيْتُ رَبِيْعَةَ, فَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَبِيْعَةَ, وَأَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهُ الرَّجُلَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَفْقَهُ أَهْلِ بَلَدِكَ وَالعَمَلُ عَلَى رَبِيْعَةَ? فَقَالَ: وَيْحَكَ كَفٌّ مِنْ حَظٍّ خَيْرٌ مِنْ جِرَابٍ مِنْ عِلْمٍ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ, قَالَ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيْهَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ, وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ, وَكَانَ كَاتِباً لِخَالِدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحَارِثِ بنِ الحَكَمِ بِالمَدِيْنَةِ, وَكَانَ كَاتِباً لِعَبْدِ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ, وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بِحسَابِ دِيْوَانِ المَدِيْنَةِ, فَجَالَسَ هِشَاماً مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فَسَأَلَ هِشَامٌ ابْنَ شِهَابٍ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ العَطَاءَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ قَالَ: لاَ أَدْرِي قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ لاَ يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إلَّا وُجِدَ عِلْمُهُ عِنْدَه فَسَأَلَنِي هِشَامٌ فَقُلْتُ: فِي المُحَرَّمِ فَقَالَ هِشَامٌ لابْنِ شِهَابٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا عِلْمٌ أَفَدتُه اليَوْمَ. فَقَالَ مَجْلِسُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَهْلٌ أَنْ يُفَادَ فِيْهِ العِلْمُ قَالَ: وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِياً لِرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ وَكَانَا فَقِيْهَيِ البلد في زمانهما وكان الماجشون يعقوب ابن أَبِي سَلَمَةَ يُعِيْنُ رَبِيْعَةَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ المَاجِشُوْنُ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ الغِنَاءَ مِنْ أَهْلِ المُرُوْءةِ بِالمَدِيْنَةِ.

قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: مَثَلِي وَمَثَلُ ذِئْبٍ, كَانَ يُلِحُّ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ فَيَأْكُلُ صِبْيَانَهُم وَدَوَاجِنَهُم, فَاجْتَمَعُوا لَهُ فَخَرَجُوا فِي طَلَبِه, فَهَرَبَ مِنْهُم فَتَقَطَّعُوا عَنْهُ إلَّا صَاحِبَ فَخَّارٍ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَوَقَفَ لَهُ الذِّئْبُ وَقَالَ: هؤلاء عذرتهم, أرأيتك أنت مالي وَلَكَ?! وَاللهِ مَا كَسَرْتُ لَكَ فَخَّارَةً قَطُّ ثم قال: مالي وَلِلْمَاجِشُوْنِ, وَالله مَا كَسَرْتُ لَهُ كَبَراً وَلاَ بربطًا1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015