عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الحِمْيَرِيِّ, قَالَ: أَرَادَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الحَجَّ, فَاتَّعَدَ فِتْيَةٌ أَنْ يَفتِكُوا به في طريقه, وسألوا خالد القَسْرِيَّ الدُّخُولَ مَعَهُم, فَأَبَى ثُمَّ أَتَى خَالِدٌ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, دَعِ الحَجَّ. قَالَ: وَمَنْ تَخَافُ سَمِّهِم؟ قَالَ: قَدْ نَصَحتُكَ, وَلَنْ أُسَمِّيَهُم. قَالَ: إِذاً أَبعَثُ بِكَ إِلَى عَدُوِّكَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ قَالَ: وَإِنْ فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَعَذَّبَه حَتَّى قَتَلَهُ.
ابْنُ خَلِّكَانَ, قَالَ: لَمَّا أَرَادَ هِشَامٌ عَزلَ خَالِدٍ عَنِ العِرَاقِ, وَعِنْدَهُ رَسُوْلُ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ مِنَ اليَمَنِ, قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ تَعَدَّى طَوْرَه, وَفَعَلَ وَفَعَلَ ثُمَّ أَمَرَ بِتَخرِيقِ ثِيَابِه وَضَرَبَهُ أَسْوَاطاً, وَقَالَ: امضِ إِلَى صَاحِبِكَ فَعَلَ الله بِهِ ثُمَّ دَعَا بِسَالِمٍ كَاتِبِه, وَقَالَ: اكْتُبْ إِلَى يُوْسُفَ سِرْ إِلَى العِرَاقِ وَالِياً سِرّاً وَاشْفِنِي مِنِ ابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعُمَّالِه, ثُمَّ أَمْسَكَ الكِتَابَ بِيَدِهِ, وَجَعَلَه فِي طَيِّ كِتَابٍ آخَرَ, وَلَمْ يَشعُرِ الرَّسُوْلُ فَقَدِمَ اليَمَنَ فَقَالَ يُوْسُفُ: مَا وَرَاءكَ? قَالَ: الشَّرُّ ضَرَبنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ وَخَرَّقَ ثِيَابِي وَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْكَ بَلْ إِلَى صَاحِبِ دِيْوَانِكَ فَفَضَّ الكِتَابَ وَقَرَأَهُ ثُمَّ وَجَدَ الكِتَابَ الصَّغِيْرَ فَاسْتَخلَفَ عَلَى اليَمَنِ ابْنَه الصَّلْتَ, وَسَارَ إِلَى العِرَاقِ, وَجَاءتِ العُيُوْنُ إِلَى خَالِدٍ فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَائِبُه طَارِقٌ ائْذَنْ لِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ وَأَضمَنَ لَهُ مَالِي السَّنَةَ مائَةَ أَلفِ أَلفٍ وَآتِيَكَ بِعَهْدِكَ قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الأَمْوَالُ? قَالَ:
أَتَحَمَّلُ أَنَا وَسَعِيْدُ بنُ رَاشِدٍ أَرْبَعِيْنَ أَلفَ أَلفٍ, وَأَبَانٌ وَالزَّيْنَبِيُّ عِشْرِيْنَ أَلفَ ألف ويفرق على باقي العمال فقال: إني إذًا لَلَئِيمٌ أُسَوِّغُهُم شَيْئاً ثُمَّ أَرجِعُ فِيْهِ قَالَ: إِنَّمَا نَقِيكَ وَنَقِي أَنْفُسَنَا بِبَعْضِ أَمْوَالِنَا وَتَبقَى النِّعْمَةُ عَلَيْنَا فَأَبَى فَوَدَّعَه طَارِقٌ وَوَافَى يُوْسُفَ فَمَاتَ طَارِقٌ فِي العَذَابِ, وَلَقِيَ خَالِدٌ كُلَّ بَلاَءٍ, وَمَاتَ فِي العَذَابِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُمَّالِه بَعْدَ أَن اسْتَخرَجَ مِنْهُم يُوْسُفُ تِسْعِيْنَ أَلفَ أَلفِ دِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَاماً حَقَدَ عَلَى خَالِدٍ بِكَثْرَةِ أَمْوَالِه وَأَملاَكِه, وَلأَنَّهُ كَانَ يُطلِقُ لِسَانَه فِي هِشَامٍ, وَكَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: أَن سِرْ إِلَيْهِ فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً. فَقَدِمَ الكُوْفَةَ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً, فَبَاتَ بِقُربِ الكُوْفَةِ, وَقَدْ خَتَنَ وَالِيْهَا طَارِقٌ, وَلَدَهُ فَأَهْدَوْا لِطَارِقٍ أَلفَ عَتِيْقٍ وَأَلْفَ وَصِيْفٍ, وَأَلفَ جَارِيَةٍ, سِوَى الأَمْوَالِ وَالثِّيَابِ, فَأَتَى رَجُل طَارِقاً, فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْماً أَنْكَرتُهم وَزَعُمُوا أَنَّهُم سُفَّارٌ وَصَارَ يُوْسُفُ إِلَى دُورِ بَنِي ثَقِيْفٍ, فَأَمَرَ رَجُلاً, فَجَمَعَ لَهُ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مُضَرَ, وَدَخَلَ المَسْجِدَ الفَجْرَ فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ بِالإِقَامَةِ فَقَالَ: لاَ, حَتَّى يَأْتِيَ الإِمَامُ. فَانْتَهَرَه, وَأَقَامَ, وَصَلَّى, وَقَرَأَ {إِذَا وَقَعَت} وَ {سَأَلَ سَائِل} ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَالِدٍ وَأَصْحَابِه, فَأُخِذُوا, وَصَادَرَهُم.
قَالَ أَشْرَسُ الأَسَدِيُّ: أَتَى كِتَابُ هِشَامٍ يُوْسُفَ, فَكَتَمْنَا, وَقَالَ: أُرِيْدُ العُمْرَةَ. فَخَرَجَ وَأَنَا