رابعا: تلامذته:
وقد تلقى عن الحافظ الذهبي -رحمه الله- كثير من العلماء الحفاظ المشهود لهم بالفضل في حياة الذهبي، وانتفعوا به كما جاء في أقوالهم:
1- فمنهم قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي الشافعي. المتوفى سنة "771هـ" كان إماما بارعا مفتنا في سائر العلوم، وله تصانيف شتى. قال في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" "1/ 101": "أستاذنا أبو عبد الله التركماني الذهبي بصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة إمام الوجود حفظا، وذهب العصر معنى ولفظا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال فِي كل سَبِيل، كَأَنَّمَا جمعت الْأمة فِي صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها وهو الذي خرجنا في هذه الصناعة وأدخلنا في عداد الجماعة جزاه الله عنا أفضل الجزاء وجعل حظه من غرفات الجنان متوفر الأجزاء، وسعده بداره طالعا في سماء العلوم, يذعن له الكبير والصغير من الكتب، والعالي والنازل من الأجزاء".
وقال العلامة ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" "6/ 221": "قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة وسمع بها من جماعة، وقرأ على الحافظ المزي ولازم الذهبي وتخرج به".
2- ومنهم العلامة قاضي القضاة كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الزملكاني الدمشقي الشافعي المتوفى سنة "727هـ". كان إماما علامة بصيرا بمذهبه وأصوله، قوي العربية صحيح الذهن فصيحا أديبا ناظما ناثرا، وله مصنفات كثيرة، وقد أفتى وله نيف وعشرون سنة.
وقد قال -رحمه الله- بعد أن طالع كتاب الحافظ الذهبي "تاريخ الإسلام": هذا كتاب عليم اجتمعت به وأخذت عنه وقرأت عليه كثيرا من تصانيفه، ولم أجد عنده جمود المحدثين، ولا كودنة1 النقلة، بل فقيه النظر، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف والخلف وأرباب المقالات.