قَالَ أَبُو حَازِمٍ المَدِيْنِيُّ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى الشَّامِ: أَنِ انْظُرُوا الأَحَادِيْثَ الَّتِي رَوَاهَا مَكْحُوْلٌ فِي الدِّيَاتِ، فَأَحْرِقُوْهَا. فَأُحْرِقَتْ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ الزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُوْلٌ, يَقُوْلاَنِ: أَمِرُّوا هَذِهِ الأَحَادِيْثَ كَمَا جَاءتْ.
وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَجَاءَ بنَ حَيْوَةَ يَلْعَنُ أَحَداً إِلاَّ رَجُلَيْنِ: يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ، وَمَكْحُوْلاً. قُلْتُ: أَظُنُّهُ لأَجْلِ القَدَرِ.
ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَمَلَةَ، قَالَ: كُنَّا عَلَى سَاقِيَةٍ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، وَالنَّاس يَمُرُّوْنَ وَذَلِكَ فِي الغَلَسِ, وَرَجُلٌ يَقُصُّ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقاً طَيِّباً، وَاسْتَعْمِلْنَا صَالِحاً. فَقَالَ مَكْحُوْلٌ، وَهُوَ فِي القَوْمِ: إِنَّ اللهَ لاَ يَرْزُقُ إلَّا طَيِّباً. وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَعَدِيُّ بنُ عَدِيٍّ نَاحِيَةً، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَسَمِعْتَ? قَالَ: نَعَمْ فَقِيْلَ لِمَكْحُوْلٍ إِنَّ رَجَاءً وَعَدِيّاً سَمِعَاكَ. فَشَقَّ عَلَيْهِ, فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ: أَنَا أَكْفِيْكَ رَجَاءً فَلَمَّا نَزَلُوا، جَاءَ ابْنُ زَيْدٍ، فَأَجْرَى ذِكْرَ مَكْحُوْلٍ. فَقَالَ رَجَاءٌ: دَعْهُ عَنْكَ, أَلَيْسَ هُوَ صَاحِبُ الكَلِمَةِ؟ فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ -رَحِمَكَ اللهُ- فِي رَجُلٍ قَتَلَ يَهُوْدِياً، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ: أَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ إِيَّاهُ؟ فَقَالَ رَجَاءٌ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَمَلَةَ لِمَكْحُوْلٍ: يُجَالِسُكَ غَيْلاَنُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا لَنَا مَجْلِسٌ, فَلاَ أَسْتطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لِهَذَا: قُمْ, وَلِهَذَا: اجْلِسْ.
وَقَالَ رَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ رَجَاءٍ، قَالَ: جَاءَ مَكْحُوْلٌ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: يَا أَبَا المِقْدَامِ, إِنَّهُم يُرِيْدُوْنَ دَمِي. قَالَ: قَدْ حَذَّرْتُكَ القُرَشِيِّيْنَ, وَمُجَالَسَتَهُم، وَلَكِنَّهُم أَدْنَوْكَ, وَقَرَّبُوْكَ, فَحَدَّثْتَهُم بِأَحَادِيْثَ، فَلَمَّا أَفْشَوْهَا عَنْكَ, كَرِهْتَهَا. فَرَاحَ، فَجَاءَ الَّذِيْنَ يَعِيْبُوْنَهُ, فَذَكَرُوْهُ. فَقَالَ أَبِي: دَعُوْهُ فَقَدْ كُنْتُم حَدِيْثاً وَأَنْتُم تُحْسِنُوْنَ ذِكْرَهُ.
قَالَ رَجَاءٌ: قَالَ مَكْحُوْلٌ: مَا زِلْتُ مُسْتَقِلاًّ بِمَنْ بَغَانِي حَتَّى أَعَانَهُم عَلَيَّ رَجَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَجُلُ أَهْلِ الشَّامِ فِي أَنْفُسِهِم.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانَ مَكْحُوْلٌ يقوله -يعني: القدر وبلغنا أن مكحولا تَنَصَّلَ مِنَ القَدَرِ, فَرَضِيَ عَنْهُ الدَّوْلَةُ، وَكَانَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يُبَرِّئُهُ مِنَ القَدَرِ.