شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ قَيْسٍ الأَرْقَبِ، فَمَرَرْنَا بِالشَّعْبِيِّ، فَقَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: اتَّقِ اللهَ لاَ يُشْعِلْكَ بِنَارِهِ. فَقَالَ قَيْسٌ: أَمَا -وَاللهِ- قَدْ كُنْتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّهُ فِي هَذَا الرَّأْيِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَمَا تَرَكْتُهُ إلَّا لِحُبِّ الدُّنْيَا. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ فُقَهَاءَ الكُوْفَةِ إلَّا أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ, وَلَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يُسَمَّوْنَ قَنَادِيْلَ المَسْجِدِ أَوْ سُرُجَ المِصْرِ. قَالَ قَيْسٌ: أَفَلاَ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ الحَارِثَ الأَعْوَرَ؟ قال: نعم لَقَدْ تَعْلَّمْتُ مِنْهُ حِسَابَ الفَرَائِضِ، فَخَشِيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ
الوَسْوَاسَ، فَلاَ أَدْرِي مِمَّنْ تَعَلَّمَهُ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ ابْنَ صَبُوْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ خَيْرٌ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِف صَعْصَعَةَ بنَ صُوْحَانَ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلاً خَطِيْباً وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ قَالَ فهل تعرف رشيد الهَجَرِيَّ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: نَعَمْ، بَيْنمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الهَجَرِيِّيْنَ إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ عَلَيْنَا، يُحِبُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَأَدْخَلَنِي عَلَى رُشَيْدٍ، فَقَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً فَلَمَّا قَضَيْتُ نُسُكِي، قُلْتُ: لَوْ أَحْدَثْتُ عهدًا بأمير المؤمنين فممرت بِالمَدِيْنَةِ، فَأَتَيْتُ بَابَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقُلْتُ لإِنْسَانٍ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ فَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ، وَهُوَ يَحْسِبُ أَنِّي أَعْنِي الحَسَنَ، قُلْتُ: لَسْتُ أَعْنِي الحَسَنَ، إِنَّمَا أَعْنِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَإِمَامَ المُتَّقِيْنَ وَقَائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِيْنَ، قَالَ: أَوَ لَيْسَ قَدْ مَاتَ فَبَكَى؟ فَقُلْتُ: أَمَا -وَاللهِ- إِنَّهُ لَيَتَنَفَّسُ الآنَ بِنَفَسِ حَيٍّ, وَيَعْتَرِقُ مِنَ الدِّثَارِ الثَّقِيْلِ، فَقَالَ: أَمَا إِذْ عَرَفْتَ سِرَّ آلِ مُحَمَّدٍ فَادْخُلْ عَلَيْهِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَنْبَأَنِي بِأَشْيَاءَ تَكُوْنُ، قَالَ الشَّعْبِيُّ فَقُلْتُ: لِرُشَيْدٍ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ ثُمَّ خَرَجْتُ، وَبَلَغَ الحَدِيْثُ زِيَاداً، فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَصَلَبَهُ.
قَالَ شَبَابَةُ: وَحَدَّثَنِيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: أَفْرَطَ نَاسٌ فِي حُبِّ عَلِيٍّ، كَمَا أَفْرَطَتِ النَّصَارَى فِي حُبِّ المَسِيْحِ.
وَرَوَى خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حُبُّ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السنة.
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ، إلَّا بَكَيْتُ عَلَيْهِ.
رَوَى مُجَالِدٌ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ رَجُلاً مُغَفَّلاً لَقِيَ الشَّعْبِيَّ، وَمَعَهُ امْرَأَةٌ تَمْشِي، فَقَالَ: أَيُّكُمَا الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: هَذِهِ.