إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً إلَّا وَجَدْتُ لِي عَلَيْهِ الفَضْلَ إلَّا عَبْدُ المَلِكِ وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَأَوَّهَ مِنْ تَنْفِيْذِ يَزِيْدَ جَيْشَهُ إِلَى حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا وَلِيَ الأَمْرَ جَهَّزَ إِلَيْهِ الحَجَّاجَ الفَاسِقَ.
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ أَفْضَى الأَمْرُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ وَالمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَأَطْبَقَهُ, وَقَالَ: هَذَا آخِرُ العَهْدِ بِكَ.
قُلْتُ: اللَّهُمَّ لاَ تَمْكُرْ بِنَا.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيْلَ لِعَبْدِ المَلِكِ: عَجِلَ بِكَ الشَّيْبُ. قَالَ: وَكَيْفَ لاَ وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّنَانِيْرَ عَبْدُ الملك, وكتب عليها القرآن.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ إِذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ, قِيْمَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسُّيُوْفِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ, قَالَ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ كَثِيْراً مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخَّرِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ. فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّك شَرِبْتَ الطِّلاَءَ1 بَعْدَ النُّسْكِ وَالعِبَادَةِ! فَقَالَ: إِي وَاللهِ وَالدِّمَاءَ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبْخَرَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: خَطَبَ عَبْدُ المَلِكِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوْبِي عِظَامٌ, وَهِيَ صِغَارٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ يَا كَرِيْمُ فَاغْفِرْهَا لِي.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ وَدُهَاةِ الرِّجَالِ وَكَانَ الحَجَّاجُ مِنْ ذُنُوْبِهِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ستٍّ وَثَمَانِيْنَ, عن نيف وستين سنة.