هُوَ العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، أَبُو زُهَيْرٍ الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ أَسَدٍ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ. كَانَ فَقِيْهاً، كَثِيْرَ العِلْمِ، عَلَى لِيْنٍ فِي حَدِيْثِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرُو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم.
وَقَدْ جَاءَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنَ الحارث أَحَادِيْثَ، وَبَاقِي ذَلِكَ مُرْسَلٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ الحَارِثُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ النَّاسِ، تَعَلَّمَ الفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الكُوْفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُوْنَ خَمْسَةً: مَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ الأَعْوَرِ، ثَنَّى بِعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَمَنْ بَدَأَ بِعَبِيْدَةَ, ثَنَّى بِالحَارِثِ, ثُمَّ عَلْقَمَةَ, ثُمَّ مَسْرُوْقٍ, ثُمَّ شُرَيْحٍ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الحَارِثُ مِنْ أوعية العلم, ومن الشيعة الأول. وكان يَقُوْلُ: تَعَلَّمْتُ القُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ وَالوَحْيَ فِي ثَلاَثِ سِنِيْنَ.
فَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ الحَارِثُ كَذَّابٌ, فَمَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِالكَذِبِ الخَطَأَ لاَ التَّعَمُّدَ وَإِلاَّ فَلِمَاذَا يَرْوِي عَنْهُ وَيَعْتَقِدُهُ بِتَعَمُّدِ الكَذِبِ فِي الدِّيْنِ؟! وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ: هُوَ كَذَّابٌ وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَكَذَا قَالَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ, وَقَالَ أَيْضاً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّسَائِيَّ وَأَرْبَابَ السُّنَنِ احْتَجُّوا بِالحَارِثِ وَهُوَ مِمَّنْ عِنْدِي وِقْفَةٌ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ.
قَالَ عِلْبَاءُ بنُ أَحْمَرَ: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ, غَلَبَكُم نِصْفُ رَجُلٍ.
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الحَارِثِ إلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قال: الحارث اتهم.