ابن الحَكَمِ الأُمَوِيُّ أَحَدُ الأَجْوَادِ. وَلِيَ العِرَاقَيْنِ لأَخِيْهِ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ. وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةِ الكَتَّانِ.
رَوَى ابْنُ جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قدم علينا بشر البصرة، وهو أبيض، أَخُو خَلِيْفَةٍ وَابْنُ خَلِيْفَةٍ. فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ الحَاجِبُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: حَسَنٌ البَصْرِيُّ، قَالَ: ادْخُلْ، وإياك أن تطل وَلاَ تُمِلَّهُ فَأَدْخُلُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيْرٍ، عَلَيْهِ فُرُشٌ قَدْ كَادَ أَنْ يَغُوْصَ فِيْهَا، وَرَجُلٌ بِالسَّيْفِ وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ قُلْتُ: الحَسَنُ "البَصْرِيُّ الفَقِيْهُ" فَأَجْلَسَنِي ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِنَا؟ نَدْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ أَمْ إِلَى الفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ: أَيَّهُمَا فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ.
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُوْدُ مَنْ يَسُوْدُ. ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ العَشِيِّ وَإِذَا هُوَ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيْرِهِ يَتمَلْمَلُ وَحَوْلَهُ الأَطِبَّاءُ. ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ وَدَوَابُّهُ قَدْ جُزَّتْ نَوَاصِيْهَا وَوَقَفَ الفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إلَّا بَكَى.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَلَهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَخِيْهِ: إِنَّكَ شَغَلْتَ إِحْدَى بِالعِرَاقِ، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةً. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلاَيَةِ الحرمين اليمن. فَمَا جَاءهُ الكِتَابُ إلَّا وَقَدْ وَقَعَتِ القَرْحَةُ فِي يَمِيْنِهِ. فَقِيْلَ: اقْطَعْهَا مِنَ المَفْصِلِ فَجَزِعَ فَبَلَغَتِ المِرْفَقَ ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ بَلَغتِ الكَتِفَ وَمَاتَ فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فرثوه.