حَمَّادٌ، عَنِ ابْن جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأحنف، قال: احتبسني عُمَرُ عِنْدَهُ حَوْلاً، وَقَالَ: قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبَرْتُكَ، فرأيت علانتيك حَسَنَةً, وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ سَرِيْرَتُكَ مِثْلَ عَلاَنِيَتِكَ, وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ.
قَالَ العِجْلِيُّ: الأَحْنَفُ بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ، أَحْنَفَ دَمِيْماً, قَصِيْراً كَوْسَجاً1 لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ, حَبَسَهُ عُمَرُ سَنَةً يَخْتَبِرُهُ فَقَالَ هَذَا وَاللهِ السَّيِّدُ.
مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَدِمَ الأَحْنَفُ فَخَطَبَ, فَأَعْجَبَ عُمَرَ مَنْطِقُهُ. قَالَ: كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُوْنَ مُنَافِقاً عَالِماً, فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ, فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ مُؤْمِناً.
وَعَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ: كَذَبْتُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وَفَّدَ أَبُو مُوْسَى وَفْداً مِنَ البَصْرَةِ إِلَى عُمَرَ مِنْهُمُ الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ, فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ, وَكَانَ الأَحْنَفُ فِي آخِرِ القَوْمِ, فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَإِنَّ أَهْلَ مِصْرَ نَزَلُوا مَنَازِلَ فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابِهِ وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ نَزَلُوا مَنَازِلَ قَيْصَرَ وَأَصْحَابِهِ, وَإِنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ نَزَلُوا مَنَازِلَ كِسْرَى وَمَصَانِعَهُ فِي الأَنْهَارِ وَالجِنَانِ, وَفِي مِثْلِ عَيْنِ البَعِيْرِ وَكَالحُوَارِ فِي السَّلَى2، تَأْتِيْهِم ثِمَارُهُم قَبْلَ أَنْ تَبلُغَ, وَإِنَّ أَهْلَ البَصْرَة نَزَلُوا فِي أرض سبخة زعقة3، نَشَّاشَةٍ4، لاَ يَجِفُّ تُرَابُهَا، وَلاَ يَنْبُتُ مَرْعَاهَا، طَرَفُهَا فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ, وَطَرَفٌ فِي فَلاَةٍ, لاَ يَأْتِيْنَا شَيْءٌ إلَّا فِي مِثْلِ مَرِيْءِ النَّعَامَةِ5 فَارْفَعْ خَسِيْسَتَنَا وَانْعَشْ وَكِيْسَتَنَا, وَزِدْ فِي عِيَالِنَا عِيَالاً, وَفِي رِجَالِنَا رِجَالاً, وَصَغِّرْ دِرْهَمَنَا, وَكَبِّرْ قَفِيْزَنَا, وَمُرْ لَنَا بِنَهْرٍ نَسْتَعْذِبْ مِنْهُ. فقال عمر: عجزتم أن