رأيت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوْقِ ذِي المجاز يتبع الناس في منازلهم يدعوهم إلى الله، ووراءه رجل أحول تقد وجنتاه، وهو يقول: لا يغرنكم عن دينكم ودين آبائكم. قلت: من هذا؟ قالوا: أبو لهب.

وقال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيْهِ, عن ربيعة بن عباد من بني الديل، وكان جاهليا فأسلم، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذي المجاز1، وهو يمشي بين ظهراني الناس يقول: "يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا" 2. ووراءه أبو لهب. فذكر الحديث. قال ربيعة: وأنا يومئذ أزفر القربة لأهلي.

وقال شعبة، عن الأشعث بن سليم، عن رجل من كنانة، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسوق ذي المجاز، وهو يقول: "قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا". وإذا خلفه رجل يَسفي عليه التراب، فإذا هو أبو جهل ويقول: لا يغرنكم هذا عن دينكم، فإنما يريد أن تتركوا عبادة اللات والعزى. إسناده قوي.

وقال المعتمر بن سليمان، عن أبيه: حدثني نُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه. فَأُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي ليطأ على رقبته، فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقيل له: ما لك؟ قال: إن بيني وبينه لخندقا من نار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا". أخرجه مسلم3.

وقال عكرمة، عن ابن عباس: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه. فبلغ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لَوْ فعل لأخذته الملائكة عيانا". أخرجه البخاري4.

وقال محمد بن إسحاق: ثم إن قريشا أتوا أبا طالب فقالوا: يا أبا طالب هذا عمارة بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015