حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ, لَقِيَ رَجُلٌ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرَّعْدُ: 38] ، قَالَ: أَفَلَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارِيَاتُ: 56] .

وَقِيْلَ: كَانَ عَامِرٌ لاَ يَزَالُ يُصَلِّي مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ إِلَى العَصْرِ، فَيَنْصَرِفُ وَقَدِ انْفَتَحَتْ سَاقَاهُ، فَيَقُوْلُ: يَا أمَّارة بِالسُّوْءِ إِنَّمَا خُلِقْتِ لِلْعِبَادَةِ.

وَهَبَطَ وَادِياً بِهِ عَابِدٌ حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ، وَالحَبَشِيُّ فِي نَاحِيَةٍ, أَرْبَعِيْنَ يَوْماً لاَ يَجْتَمِعَانِ إلَّا فِي فَرِيْضَةٍ.

مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الشِّخِّيْرِ, أنَّ عَامِراً كَانَ يَأْخُذُ عَطَاءهُ، فَيَجْعَلُهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ، فَلاَ يَلْقَى مِسْكِيْناً إلَّا أَعْطَاهُ، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ رَمَى بِهِ إِلَيْهِم، فَيَعُدُّوْنَهَا، فَيَجِدُوْنَهَا كَمَا أُعْطِيْهَا.

جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ, أنَّ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ إِلَيْهِ أَمِيْرُ البَصْرَةِ: مَا لَكَ لاَ تَزَوَّجَ النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تركتهنَّ، وَإِنِّي لَدَائِبٌ فِي الخِطْبَةِ, قَالَ: مَا لَكَ لاَ تَأْكُلُ الجُبْنَ؟ قَالَ: إِنَّا بِأَرْضٍ فِيْهَا مَجُوْسٌ، فَمَا شَهِدَ مُسْلِمَانِ أَنْ لَيْسَ فِيْهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتُهُ, قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُم طُلاَّبَ الحَاجَاتِ، فَادْعُوْهُم وَاقْضُوا حَاجَاتِهِم، وَدَعُوا مَنْ لاَ حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُم.

قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ أنَّ عَامِراً مَرَّ فِي الرَّحْبَةِ، وَإِذَا رَجُلٌ يُظْلَم، فَأَلْقَى رِدَاءهُ، وَقَالَ: لاَ أَرَى ذمَّة اللهِ تُخْفَرُ وَأَنَا حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ.

وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِبْعَادِهِ إِلَى الشَّامِ كَوْنُهُ أَنْكَرَ وخَلَّص هَذَا الذميّ.

قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَبْدِ قَيْسٍ, شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ المِرْبَدِ، فَقَالَ: إِنِّي داعٍ فأمِّنوا: اللَّهُمَّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي، وفرَّق بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَانِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ، وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ.

قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ إِلَى الشام، فقال: الحمد الله الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِباً.

قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا احْتُضِرَ عَامِرٌ بَكَى، فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: مَا أَبْكِي جَزَعاً مِنَ المَوْتِ، وَلاَ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ.

وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ, أنَّ قَبْرَ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ المَقْدِسِ.

وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015