هذا العمل على النحو الذي يرضي جماهير العلماء وطلاب العلم بله المثقفين على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم العلمية. وكان ذلك كله بتيسير من المولى الكريم المنان سبحانه وتعالى، ثم بتذليل أصحاب "دار الحديث" السبل لتيسير إخراجه للناس.

وهذا السفر العظيم الذي نقدمه لجماهير القراء يعد من أعظم كتب التراجم التي تناولت كافة العصور إلى عصر المؤلف. وقد ترجم لكثير من الأعلام في مشارق الأرض ومغاربها.

وشملت تراجم الخلفاء، والملوك، والأمراء، والوزراء, والأطباء، والمحدثين، والفقهاء, والنحاة، والشعراء، والزهاد، والفلاسفة، والمتكلمين إلا أنه قد عني بالمحدثين، وآثرهم على غيرهم لأنه كان عظيم الإكبار والإجلال لهم فهم حملة العلم النبوي، وحراسه الذين يميزون بين صحيح الأحاديث من ضعيفها، ومقبولها من مردودها، فضلا عن أن الكثير منهم من رواة الأحاديث، ودراسة أحوالهم، وبيان مواليدهم ووفياتهم، وشيوخهم وتلامذتهم، وآراء العلماء فيهم مما يترتب عليه دراسة أحوال الأسانيد والحكم عليها بالصحة أو بالضعف، ونحو ذلك.

وقد بلغت عدد التراجم للمترجمين في كتابه "5964" ترجمة. وقد كرر بعض هذه التراجم. وقد ترجم فيه للأعلام منذ بزوغ فجر الإسلام إلى سنة "739هـ". وقد قسم كتابه إلى خمس وثلاثين طبقة. ولم يسر فيه على نسق واحد، فقد استوعبت الطبقة الأخيرة الخامسة والثلاثون ستة وثمانين عاما. بينما كان متوسط الطبقات بين خمسة عشر وستة عشر عاما. وبلغت بعض الطبقات تسع سنوات فقط مثل الطبقة السادسة عشرة. وقد ترجم الذهبي لبعض الملوك والأمراء وإخوتهم وأولادهم وذراريهم في موضع واحد وإن لم يكونوا من نفس طبقاتهم ليجعل القارئ متابعا للأحداث التي عادة ما تكون متصلة. وقد اتبع الذهبي أسلوبا خاصا في صياغة الترجمة؛ فبدأ باسم المترجم ولقبه وكنيته ونسبته، ثم يذكر تاريخ مولده.

ويذكر شيوخه وتلامذته ويذكر مؤلفاته وآثاره العلمية. ثم يذكر مكانته العلمية من خلال أقوال أهل العلم فيه، ثم يذكر تاريخ وفاته. وربا يذكر عدة نقولات في تاريخ الوفاة ويرجح بينها. كما يذكر في آخر الترجمة من مات مع المترجم له في نفس السنة من الأعلام.

وفي كثير من التراجم يذكر الذهبي -رحمه الله- بعض الأحاديث التي وردت من طريق صاحب الترجمة كما يورد بعض أعمال الملوك والخلفاء والأمراء والولاة من فتوحات وغيرها من أعمال. كما يورد نماذج من أشعار الشعراء، ومختارات نثرية من كلام الأدباء. وقد أطال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015