حَمَّادُ بنُ يَزِيْدَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بِسَبْخَةٍ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقِيْلَ: اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّيْنَ أَلْفاً، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلٍ. فجزَّأها عَبْدُ اللهِ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ؛ وَأَلْقَى فِيْهَا العُمَّالَ، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أَلاَ تَأْخُذُ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيْكَ، وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ؟ اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّيْنَ أَلْفاً. قَالَ: فَأَقبَلْتُ. فَرَكِبَ عُثْمَانُ يَوْماً فَرَآهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَلِّنى جُزْأَيْنِ مِنْهَا. قَالَ: أَمَا وَاللهِ دُوْنَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيَّ مَنْ سفَّهتني عِنْدَهُم، فَيَطْلُبُوْنَ إِلَيَّ ذَلِكَ، فَلاَ أَفْعَلُ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْقُصُكَ جُزْأَيْنِ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً. قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا.

وَعَنِ العُمَريّ: أنَّ ابْنَ جَعْفَرٍ أَسْلَفَ الزُّبَيْرَ أَلْفَ أَلْفٍ, فلمَّا تُوُفِّيَ الزُّبَيْرُ, قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لابْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّيْ وَجَدْتُ فِي كُتُبِ الزُّبَيْرِ أنَّ لَهُ عَلَيْكَ أَلْفَ أَلْفٍ. قَالَ: هُوَ صَادِقٌ, ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدُ، فَقَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ! وَهِمت؛ المَالُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ: فهو له. قال: لا أريد ذلك.

عَنِ الأَصْمَعِيِّ: أنَّ امْرَأَةً أَتَتْ بِدَجَاجَةٍ مَسْمُوطَةٍ، فَقَالَتْ لابْنِ جَعْفَرٍ: بِأَبِي أَنْتَ! هَذِهِ الدَّجَاجَةُ كَانَتْ مِثْل بِنْتِي، فَآلَيْتُ أَنْ لاَ أَدْفِنَهَا إِلاَّ فِي أَكْرَمِ مَوْضِعٍ أَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ وَلاَ وَاللهِ مَا فِي الأَرْضِ أَكْرَمُ مِنْ بَطْنِكَ. قَالَ: خُذُوهَا مِنْهَا، وَاحْمِلُوا إِلَيْهَا. فَذَكَرَ أَنْوَاعاً مِنَ العَطَاءِ، حَتَّى قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ! إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِيْنَ.

هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ رَجُلاً جَلَبَ سُكَّراً إِلَى المَدِيْنَةِ فَكَسَدَ، فَبَلَغَ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَأَمَرَ قَهْرَمَانَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَأَنْ يُنْهِبَهُ النَّاسَ.

ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، أنَّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: دخل ابن أبي عمار وهوم يَوْمَئِذٍ فَقِيهُ أَهْلِ الحِجَازِ عَلَى نخَّاس، فَعَرَضَ عَلَيْهِ جَارِيَةً، فَعَلِقَ بِهَا، وَأَخَذَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِقْدَارُ ثَمَنِهَا، فَمَشَى إِلَيْهِ عطاء، وطاوس، وَمُجَاهِدٌ، يَعْذُلُوْنَهُ, وَبَلَغَ خَبَرُهُ عَبْدَ اللهِ، فَاشْتَرَاهَا بِأَرْبَعِيْنَ أَلفاً، وزيِّنَها، وحلَّاها، ثُمَّ طَلَبَ ابْنَ أَبِي عمَّار، فَقَالَ: مَا فَعَلَ حُبُّكَ فُلاَنَةً؟ قَالَ: هِيَ الَّتِي هَامَ قَلْبِي بِذِكْرِهَا، وَالنَّفْسُ مَشْغُولَةٌ بِهَا. فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، أَخْرِجِيهَا. فَأَخْرَجَتْهَا تَرْفُلُ فِي الحُلِيِّ وَالحُلَلِ، فَقَالَ: شَأْنُكَ بِهَا، بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيْهَا. فَقَالَ: لَقَدْ تَفَضَّلتَ بِشَيْءٍ مَا يَتَفَضَّلُ بِهِ إِلاَّ اللهُ. فلمَّا ولَّى بِهَا قَالَ: يَا غُلاَمُ! احْمِلْ مَعَهُ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ: لَئِنْ -وَاللهِ- وُعِدْنَا نَعِيْمَ الآخِرَةِ فَقَدْ عجَّلت نَعِيْمَ الدُّنْيَا.

وَلِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ أَخْبَارٌ فِي الجُوْدِ وَالبَذْلِ.

وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ، كَثِيْرَ التَّنَعُّمِ، وَمِمَّنْ يَسْتَمِعُ الغِنَاءَ.

قَالَ الوَاقِدِيُّ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ.

وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ, وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015