فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ أُخْبِرَ بِقِوْلِهِ, فَقَالَ: اعْتَزِلْ عَمَلَنَا, قَالَ: وَمِمَّهْ, قَالَ: إِنَّا وَجَدْنَاكَ لاَ تَعْقِلُ عَقْلَهُ, قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ بَقِيَ مِنْ عَقْلِي أنَّ الآخَرَ شَرٌّ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ, قَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: كُنْتُ رَجُلاً عَزِيْزَ النَّفْسِ, حَمِيَّ الأَنْفِ, لاَ يَسْتَقِلُّ مِنِّي أَحَدٌ شَيْئاً سُلْطَانٌ وَلاَ غَيْرَهُ, فَأَصْبَحَ أُمَرَائِي يُخَيِّرُوْنَنِي بَيْنَ أَنْ أُقِيْمَ عَلَى مَا أَرْغَمَ أَنْفِي وَقَبَّحَ وَجْهِي, وَبَيْنَ أَنْ آخُذَ سَيْفِي فَأَضْرِبَ فَأَدْخُلَ النَّارَ.
وَقَالَ بَشِيْرُ بنُ عَمْرٍو: قُلْنَا لأَبِي مَسْعُوْدٍ: أَوْصِنَا, قال: عليكم بِالجَمَاعَة, فَإِنَّ اللهَ لَنْ يَجْمَعَ الأُمَّةَ عَلَى ضَلاَلَةٍ حَتَّى يَسْتَرِيْحَ بَرٌّ, أَوْ يُستراح مِنْ فَاجِرٍ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ أَبُو مَسْعُوْدٍ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ, وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ, وَقَالَ المَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْ خَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُوْدٍ عَلَى الكُوْفَةِ, وَتَخَبَّأَ رِجَالٌ لَمْ يَخْرُجُوا مَعَ عَلِيٍّ, فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ: أَيُّهَا النَّاسُ, مَنْ كَانَ تَخَبَّأَ فَلْيَظْهَرْ, فَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانَ إِلَى الكَثْرَةِ إِنَّ أَصْحَابَنَا لَكَثِيْرٌ, وَمَا نَعُدُّهُ قُبْحاً أَنْ يَلْتَقِيَ هَذَانِ الجَبَلاَنِ غَداً مِنَ المُسْلِمِيْنَ, فَيَقْتُلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ؛ وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ, حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا رِجْرِجَةٌ1 مِنْ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ؛ ظَهَرَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ, وَلَكِنْ نَعُدُّ قُبْحاً أَن يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ يَحْقِنُ بِهِ دِمَاءهُم وَيُصْلِحُ بِهِ ذَاتَ بَيْنِهِم.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ أَبُو مَسْعُوْدٍ أَيَّامَ قُتِلَ عَلِيٌّ بِالكُوْفَةِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ بالمدينة في خلافة معاوية.