فقال عمر: ابدءوا بِحِمْصَ, فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُوْنَ النَّاسَ عَلَى وُجُوْهٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهُمْ مَنْ يَلْقَنُ, فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَوَجِّهُوا إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ, فَإِذَا رَضِيْتُمْ مِنْهُمْ فَلْيَقُمْ بِهَا وَاحِدٌ, وَلْيَخْرُجْ وَاحِدٌ إِلَى دِمَشْقَ, وَالآخَرُ إِلَى فِلَسْطِينَ. قَالَ: فَقَدِمُوا حِمْصَ, فَكَانُوا بِهَا حَتَّى إِذَا رَضُوا مِنَ النَّاسِ أَقَامَ بِهَا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ, وَخَرَجَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى دِمَشْقَ, وَمُعَاذٌ إِلَى فِلَسْطِيْنَ, فَمَاتَ فِي طَاعُوْنِ عَمَوَاسَ1, ثُمَّ صَارَ عُبَادَةُ بَعْدُ إِلَى فِلَسْطِيْنَ وَبِهَا مَاتَ, وَلَمْ يَزَلْ أَبُو الدَّرْدَاءِ بدمشق حتى مات.
الأَحْوَصُ بنُ حَكِيْمٍ, عَنْ رَاشِدِ بنِ سَعْدٍ, قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ابْتَنَى كَنِيْفاً بِحِمْصَ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَا عُوَيْمِرُ, أَمَا كَانَتْ لَكَ كِفَايَةٌ فِيْمَا بَنَتِ الرُّوْمُ عَنْ تَزْيِيْنِ الدُّنْيَا, وَقَدْ أَذِنَ اللهُ بِخَرَابِهَا, فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَانْتَقِلْ إِلَى دِمَشْقَ.
مَالِكٌ, عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا, فَقَالَ: ارْجِعَا إِلَيَّ, أَعِيْدَا عَلَيَّ قَضِيَّتَكُمَا.
مَعْمَرٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ, عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى مَسْلَمَةَ بنِ مُخَلَّدٍ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ, أمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللهِ أَبْغَضَهُ اللهُ, فَإِذَا أَبْغَضَهُ اللهُ بغَّضه إِلَى عِبَادِهِ.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ, عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: إِنِّي لآمُرُكُمْ بِالأَمْرِ وَمَا أَفْعَلُهُ, وَلَكِنْ لعلَّ اللهَ يَأْجُرُنِي فِيْهِ.
شُعْبَةُ, عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ أَبِيْهِ: أنَّ عُمَرَ قَالَ لابْنِ مَسْعُوْدٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا هَذَا الحَدِيْثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَحْسِبُهُ حَبَسَهُمْ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى أصيب.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, عَنْ مُسْلِمِ بنِ مِشْكَمٍ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: اعْدُدْ مَنْ في مجلسنا. قال: فجاءوا ألفًا وست مائة ونيفًا, فكانوا يقرءون وَيَتَسَابَقُوْنَ عَشْرَةً عَشْرَةً, فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ انْفَتَلَ وَقَرَأَ جُزْءاً, فَيُحْدِقُونَ بِهِ يَسْمَعُوْنَ أَلْفَاظَهُ, وَكَانَ ابْنُ عَامِرٍ مقدَّمًا فِيْهِم.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُصَلِّي ثُمَّ يُقْرِئُ وَيَقْرَأُ, حَتَّى إِذَا أَرَادَ القِيَامَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ مِنْ وَلِيْمَةٍ أَوْ عَقِيْقَةٍ نَشْهَدُهَا? فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ, وَإِلاَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي صَائِمٌ. وَهُوَ الَّذِي سنَّ هَذِهِ الحلق للقراءة.