قَالَ عُرْوَةُ: فَلَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ عِلْمِهَا لَمْ أَسْأَلْ عَنْهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَكَلَّمَهَا. قَالَ: فَلمَّا قَامَ مُعَاوِيَةُ اتَّكَأَ عَلَى يَدِ مَوْلاَهَا ذَكْوَانَ فَقَالَ: وَاللهِ مَا سَمِعْتُ قَطُّ أَبْلَغَ مِنْ عَائِشَةَ لَيْسَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ: لَيْسَ بِالثَّبْتِ.
الزُّهْرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَالأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ وَهَذَا لَفْظُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَوْفُ بنُ الطُّفَيْلِ بنِ الحَارِثِ الأزدي وهو ابن أخي عائشة لامها: أن عائشة بَلَغَهَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ كَانَ فِي دَارٍ لَهَا بَاعَتْهَا فَتَسَخَّطَ عَبْدُ اللهِ بَيْعَ تِلْكَ الدَّارِ فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ، عَنْ بَيْعِ رِبَاعِهَا أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ. قَالَتْ: للهِ عَلَيَّ إلَّا أُكَلِّمَهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ.
فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إِيَّاهُ فَنَقَصَهُ اللهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ. فَاسْتَشْفَعَ بِكُلِّ أَحَدٍ يَرَى أَنَّهُ يَثْقُلُ عَلَيْهَا فَأَبَتْ أَنْ تُكَلِّمَهُ.
فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ كَلَّمَ المسور بن مخرمة عبد الرَّحْمَنِ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ أَنْ يَشْمَلاَهُ بِأَرْدِيَتِهِمَا ثُمَّ يَسْتَأْذِنَا فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُمَا قَالاَ: كُلُّنَا حَتَّى يُدْخِلاَهُ عَلَى عَائِشَةَ فَفَعَلاَ ذَلِكَ. فَقَالَتْ: نَعَمْ كُلُّكُمْ فَلْيَدْخُلْ. وَلاَ تَشْعُرُ. فَدَخَلَ مَعَهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكشَفَ السِّتْرَ فَاعْتَنَقَهَا وَبَكَى وَبَكَتْ عَائِشَةُ بُكَاءً كَثِيْراً وَنَاشَدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ اللهَ وَالرَّحِمَ وَنَشَدَهَا مِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بِاللهِ وَالرَّحِمِ وَذَكَرَا لَهَا قَوْلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ". فَلَمَّا أَكْثَرُوا عليها كلمته بعدما خَشِيَ إلَّا تُكَلِّمَهُ. ثُمَّ بَعَثَتْ إِلَى اليَمَنِ بِمَالٍ فَابْتِيْعَ لَهَا أَرْبَعُوْنَ رَقَبَةً فَأَعْتَقَتْهَا.
قَالَ عَوْفٌ: ثُمَّ سَمِعْتُهَا بَعْدُ تَذْكُرُ نَذْرَهَا ذَلِكَ فتبكي حتى تبل خمارها.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَذَا قَالَ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي: عَوْفُ بنُ الحَارِثِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَتَابَعَهُ مَعْمَرٌ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْياً فِي العَامَّةِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيْعِ النِّسَاءِ لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ مَسْرُوْقٌ: لَوْلاَ بَعْضُ الأَمْرِ لأَقَمْتُ المَنَاحَةَ عَلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ -يَعْنِي عَائِشَةَ.