عَمْرٍو حَدَّثَهُ قَالَ: جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي المَوْتِ. قَالَ: فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللهِ ابن أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ. قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ وَلاَ بِتَزْكِيَتِهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أُمَّه إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيْكِ يُوَدِّعُكِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْكِ.

قَالَتْ: فَائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ. قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا قَعَدَ قَالَ: أَبْشِرِي فَوَاللهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّداً -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأَحِبَّةَ إلَّا أَنْ تفارق روحك جسدك.

قالت: إيهًا يابن عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي إِلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ إلَّا طَيِّباً سَقَطَتْ قِلاَدَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ وَأَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَلْقُطَهَا فَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللهُ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النِّسَاءُ: 42] . فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بَرَاءتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدَ يُذْكَرُ فِيْهَا اللهُ إلَّا بَرَاءتُكِ تُتْلَى فِيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. قَالَتْ: دعني عنك يابن عَبَّاسٍ فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً1.

يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَأْذنَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوْبَةٌ فَقَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِي عَلَيَّ. فَقِيْلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْ وُجُوْهِ المُسْلِمِيْنَ. قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ. فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟ فَقَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ. قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شاء الله، زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرَكِ وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ.

فَلَمَّا جَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَالَتْ لَهُ: جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَثْنَى عَلَيَّ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً.

وَقَالَ القِاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: اشْتَكَتْ عَائِشَةُ فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ تَقْدَمِيْنَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ2.

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015