ثُمَّ إِنَّ العَرَبَ إِذَا قَالَتْ: فُلاَنٌ أَبْيَضُ فَإِنَّهُمْ يُرِيْدُوْنَ الحِنْطِيَّ اللَّوْنِ بِحِلْيَةٍ سَوْدَاءَ فَإِنْ كَانَ فِي لَوْنِ أَهْلِ الهِنْدِ قَالُوا: أَسْمَرُ وَآدَمُ وَإِنْ كَانَ فِي سَوَادِ التِّكْرُوْرِ قَالُوا: أَسْوَدُ وَكَذَا كُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ السَّوَادُ قَالُوا: أَسْوَدُ أَوْ شَدِيْدُ الأُدْمَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ قُوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ" 1.

فَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ بَنِي آدَمَ لا ينفكون، عن أحد الأمرين. وكل لَوْنٍ بِهَذَا الاعْتِبَارِ يَدُوْرُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالبَيَاضِ الَّذِي هُوَ الحُمْرَةُ.

أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ لَهَا: "إِنِّي أَعْرِفُ غَضَبَكِ إِذَا غَضِبْتِ وَرِضَاكِ إِذَا رَضِيْتِ" قَالَتْ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ? قَالَ: "إِذَا غَضِبْتِ قُلْتِ: يَا مُحَمَّدُ وَإِذَا رَضِيْتِ قُلْتِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ".

هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ وَالمَحْفُوظُ مَا أَخْرَجَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ لأَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ: "إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى". قَالَتْ: وَكَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ? قَالَ: "إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيْمَ". قُلْتُ: أَجَلْ وَاللهِ مَا أَهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ2.

تَابَعَهُ عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ حَدِيْثَ عَلِيٍّ.

هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلاَدَةً فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْسَلَّتْ مِنْهَا. وَكَانَ ذَلِكَ المَكَانُ يُقَالُ لَهُ: الصُّلْصُلُ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَطَلَبُوْهَا حَتَّى وَجَدُوْهَا وحضرت الصلاة ولم يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوْءٍ. فَأَنْزَلَ الله آية التيمم. فقال لها أسيد ابن الحُضَيْرِ: جَزَاكِ اللهُ خَيْراً فَوَاللهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ تَكْرَهِيْنَهُ إلَّا جَعَلَ اللهُ لَكِ فيه خيرًا3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015