وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ بعد وَقْعَةِ بَدْرٍ. فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ: قَالَ: "عَائِشَةُ" قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوْهَا" 1.

وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيُحِبَّ إلَّا طَيِّباً. وَقَدْ قَالَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ" 2. فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ.

وَحُبُّهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً إلَّا تَرَاهُمْ كَيْفَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَهَا تَقَرُّباً إِلَى مَرْضَاتِهِ.

قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. قَالَتْ: فَاجْتَمَعْنَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنُ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُرِيْدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيْدُهُ عَائِشَةُ فَقُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرِ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا لَهُ أَيْنَمَا كَانَ. فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَهُ ذَلِكَ. فَسَكَتَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا. فَعَادَتِ الثَّانِيَةَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا. فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا في لحاف امرأة منكن غيرها" 3. متفق على صحته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015