لأَنَّهُ بَدَتْ مِنْهُ أُمُوْرٌ فِي أَذِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَذَلَّلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى رَقَّ لَهُ ثُمَّ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ وَلَزِمَ هُوَ وَالعَبَّاسُ رَسُوْلَ اللهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ فَرَّ النَّاسُ وَأَخَذَ بِلِجَامِ البَغْلَةِ وَثَبَتَ مَعَهُ.

وَقَدْ رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ عَبْدُ المَلِكِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا بَنِي هَاشِمٍ! إِيَّاكُمْ وَالصَّدَقَةَ".

وَكَانَ أَخَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْهُمَا حَلِيْمَةُ.

سَمَّاهُ هِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ، وَالزُّبَيْرُ: مُغِيْرَةَ وَقَالَ طَائِفَةٌ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ وَإِنَّمَا المُغِيْرَةُ أَخُوْهُم.

وَقِيْلَ: كَانَ الَّذِيْنَ يُشَبَّهُوْنَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرٌ وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ وَقُثَمُ بنُ العَبَّاسِ وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ.

وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَفِيْهِ يَقُوْلُ حَسَّان:

أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي ... مُغَلْغَلَةً فَقَدْ بَرِحَ الخَفَاءُ

هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُ

ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ عَمَّنْ حدثه قال: تراجع الناس يوم حُنَيْنٍ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبَّ أَبَا سُفْيَانَ هَذَا وَشَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ وَقَالَ: "أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَةَ"1.

قِيْلَ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ حَجَّ، فَحَلَقَهُ الحَلاَّقُ فَقَطَعَ ثُؤْلُوْلاً فِي رَأْسِهِ فَمَرِضَ مِنْهُ وَمَاتَ بَعْدَ قُدُوْمِهِ بِالمَدِيْنَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُمَرُ. وَيُقَالُ: مَاتَ بَعْدَ أَخِيْهِ نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَالَ: لاَ تَبْكُوا عَلَيَّ فَإِنِّي لَمْ أَتَنَطَّفْ بِخَطِيْئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلأَبِي سُفْيَانَ يَرْثِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لاَ يَزُوْلُ ... وَلَيْلُ أَخِي المُصِيْبَةِ فِيْهِ طُوْلُ

وَأَسْعَدَنِي البُكَاءُ وَذَاكَ فِيْمَا ... أُصِيْبَ المُسْلِمُوْنَ بِهِ قَلِيْلُ

فَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيْبَتُنَا وَجَلَّتْ ... عَشِيَّةَ قِيْلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُوْلُ

فَقَدْنَا الوَحْيَ وَالتَّنْزِيْلَ فِيْنَا ... يَرُوْحُ بِهِ وَيَغْدُو جبرئيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015