وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي إِسْلاَمِ عُمَرَ فَصْلاً فِي المعنى.

وذكر بن سَعْدٍ فِي "طَبَقَاتِهِ"، عَنِ الوَاقِدِيِّ، عَنْ رِجَالِهِ قَالُوا: لَمَّا تَحَيَّنَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وصول عير قريش من الشام بَعَثَ طَلْحَةَ وَسَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ قَبْلَ خُرُوْجِهِ مِنَ المَدِيْنَةِ بِعَشْرٍ يَتَحَسَّسَانِ خَبَرَ العِيْرِ، فَبَلَغَا الحوراء فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بِهِمُ العِيْرُ فَتَسَاحَلَتْ فَبَلَغَ نَبِيَّ اللهِ الخَبْرُ قبل مَجِيْئِهِمَا فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ وَخَرَجَ يَطْلُبُ العِيْرَ فَتَسَاحَلَتْ وَسَارُوا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَرَجَعَ طَلْحَةُ وَسَعِيْدٌ لِيُخْبِرَا فَوَصَلاَ المَدِيْنَةَ يَوْمَ الوَقْعَةِ فَخَرَجَا يَؤُمَّانِهِ وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِمَا وَأُجُوْرِهِمَا وَشَهِدَ سَعِيْدٌ أُحُداً وَالخَنْدَقَ وَالحُدَيْبِيَةَ وَالمَشَاهِدَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ فِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَأَنَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي، عَنِ الشَّهَادَةِ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَر أَنَّهُمَا فِي الجَنَّةِ فَقَالَ: نَعَمْ اذْهَبْ إِلَى حَدِيْثِ سَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ.

هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ أَنَّ سَعِيْدَ بنَ زَيْدٍ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ أَرْضِهَا فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ سَعِيْدٌ: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول اللهِ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: $"مَنْ أَخَذَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِيْنَ" قَالَ مَرْوَانُ: لاَ أَسَأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا فَقَالَ سَعِيْدٌ: اللهم إن كانت كاذبةً فأعم بصرها وقتلها فِي أَرْضِهَا فَمَا مَاتَتْ حَتَّى عَمِيَتْ وَبَيْنَا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 وَرَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلاَءِ بن عبد الرَّحْمَنِ نَحْوَهُ، عَنْ أَبِيْهِ. وَرَوَى المُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي حَدِيْثِهِ: سَأَلَتْ أَرْوَى سَعِيْداً أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، وَقَالَتْ: قَدْ ظَلَمْتُكَ. فَقَالَ: لاَ أَرُدُّ عَلَى اللهِ شَيْئاً أَعْطَانِيْهِ.

قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ سَعِيْداً مُتَأَخِّراً، عَنْ رُتْبَةِ أَهْلِ الشُّوْرَى فِي السَّابِقَةِ وَالجَلاَلَةِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِئَلاَّ يَبْقَى لَهُ فِيْهِ شَائِبَةُ حَظٍّ لأَنَّهُ خَتَنُهُ وَابْنُ عَمِّهِ وَلَوْ ذَكَرَهُ فِي أَهْلِ الشُّوْرَى لَقَالَ الرَّافِضِيُّ: حَابَى ابْنَ عَمِّهِ فَأَخْرَجَ مِنْهَا وَلَدَهُ وَعَصَبَتَهُ فكذلك فليكن العمل لله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015