فَإِذَا زَالَتِ اسْتَقْبَلَ الكَعْبَةَ فَصَلَّى رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْشَدَ الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ الحِزَامِيُّ لِزَيْدٍ:
وَأَسْلَمْتُ وَجْهِي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ... لَهُ المُزْنُ تَحْمِلُ عَذْباً زُلاَلاَ
إِذَا سُقِيَتْ بَلْدَةٌ مِنْ بِلاَدٍ ... سِيْقَتْ إِلَيْهَا فَسَحَّتْ سِجَالاَ
وَأَسْلَمْتُ نَفْسِي لِمَنْ أسلمت ... له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا
دَحَاهَا فَلَمَّا اسْتَوَتْ شَدَّهَا ... سَوَاءً وَأَرْسَى عَلَيْهَا الجِبَالاَ
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فِيْمَا نَقَلَهُ عنه بن أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو كَانَ بِالشَّامِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْبَلَ يُرِيْدُهُ فَقَتَلَهُ أَهْلُ مَيْفَعَةٍ بِالشَّامِ.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ: أَنّه مَاتَ فَدُفِنَ بِأَصْلِ حِرَاءٍ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتِلَ بِبِلاَدِ لَخْمٍ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: سَمِعَ بن عُمَرَ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو أَسْفَلَ بَلْدَحَ قَبْلَ الوَحْي فَقَدَّمَ إِلَى زَيْدٍ سُفْرَةً فِيْهَا لَحْمٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ وَقَالَ: لاَ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُوْنَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ أَنَا لاَ آكُلُ إلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَكَانَ يَعِيْبُ عَلَى قُرَيْشٍ وَيَقُوْلُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُوْنَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللهِ?1
أَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُ قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصَابِ فَذَبَحْنَا لَهُ ضَمِيْرُ "لَهُ" رَاجِعٌ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً وَوَضَعْنَاهَا فِي التَّنُّوْرِ، حَتَّى إِذَا نَضَجَتْ جَعَلْنَاهَا فِي سُفْرَتِنَا ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسِيْرُ وَهُوَ مُرْدِفِي فِي أَيَّامِ الحَرِّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى الوَادِي لَقِيَ زَيْدَ بنَ عَمْرٍو فَحَيَّى أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ" أَيْ: أَبْغَضُوْكَ? قَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ مِنِّي لِغَيْرِ نَائِرَةٍ كَانَتْ مِنِّي إِلَيْهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاهُمْ عَلَى ضَلاَلَةٍ فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي الدِّيْنَ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى أَحْبَارِ أَيْلَةَ فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللهَ وَيُشْرِكُوْنَ بِهِ فَدُلِلْتُ عَلَى شَيْخٍ بِالجَزِيْرَةِ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: إِنَّ كُلَّ مَنْ رَأَيْتَ فِي ضَلاَلَةٍ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ، عَنْ دِيْنٍ هُوَ دِيْنُ اللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ ارْجِعْ إِلَيْهِ وَاتَّبِعْهُ فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَحِسَّ شَيْئاً فَأَنَاخَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَعِيْرَ، ثُمَّ قَدَّمْنَا إِلَيْهِ السُّفْرَةَ. فَقَالَ: مَا هَذِهِ? قُلْنَا: شَاةٌ