سوس العالمه (صفحة 8)

ـ ج ـ

على ذلك، وجمعت فيه جهودي ومَن لَم يتوفر على شيء ويَجمع فيه جهوده؛ فقلما يعطيه حقه من البحث، فقد سودت في (إِلْغ) مسقط رأسي، حيث ألزمت العزلة عن الناس، أجزاء كثيرة تناهز خمسين جزءا في العلماء والأدباء والرؤساء والأخبار والنوادر، والهيئة الاجتماعية، وما هذا الكتاب (سوس العالِمة) إلا واحدا من تلك الأجزاء، وكلها مقصورة على أداء الواجب عليَّ، من إحياء تلك البادية التي سبق في الأزل أن كنت ابنا من أبنائها، ويعلم الله أنه لو قدر لي أن أكون ابن تافيلالت أو درعة أو الريف أو جبالة أو الأطلس أو تادلة أو دكالة؛ لرأيتُ الواجب عليَّ أن أقوم بِمثل هذا العمل نفسه لتلك الناحية التي تَنْبُت نبعتي فيها؛ لأنني من الذين يرون المغرب جزءا لا يتجزأ، بل أرى العالم العربي كله، من ضفاف الأطلسي إلى ضفاف الرافدين وطنا واحدا، بل أرى جَميع بلاد الإسلام كتلة متراصة من غرب شمال أفريقيا إلى أندونيسية، لا يدين بدين الإسلام الحق من يراها بعين الوطنية الضيقة التي هي من بقايا الاستعمال الغربي في الشرق، بل لو شئت أن أقول -ويؤيدني ديني فيما أقول-: إنني أرى الإنسانية جَمعاء أسرة واحدة، لا فضل فيها لعربي على عجمي إلا بالتقوى، والناس من آدم، وآدم من تراب (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

إيه فهذه سوس وجدت من هذا السوسي من يبذل جهوده حول إحياء تاريخ بعض رجالاتها، فليت شعري هل تَجد البوادي الأخرى، بل وبعض الحواضر التي لَم يكتب عنها بعد أي شيء من تثور فيه الحمية المحمودة -وفي ذلك فليتنافس الْمُتنافسون- فيفتح لنا الأبواب التي نراها موصدة؟ إننا أيها الفيلالي والدرعي والريفي والجبالي والأطلسي والتادلي والدكالي لَمنتظرون أم يذهب هذا النداء كصرخة الوادي بين ثنايا الصدى؟

وبعد: فإن تاريخنا لَم يكتب بعد كما ينبغي، حتى في الْحَواضر التي كتب عنها كثيرون قديما وحديثا، فهذه مراكش التي كتب عن رجالاتها الزائرين والساكنين شيخنا سيدي عباس، لَم تفز بعد بِمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015