سوس العالمه (صفحة 102)

السرقات لبعضهم من نثر الإلغيين أو من شعرهم، ينسبه لنفسه (?) تزينا وتَجملا به، فكم فقيه يلج الحلبة بين هؤلاء، فيتخذ متندر المحافل الأدبية ما شاء الله، حتى أننا لنعجب أن رأينا مثل (أعْبُّو) و (الأسْكَاري) الأستاذين الفقيهن، يُخرجان مثل الأديب المانوزي، مع أنّهما غير مَوْصُوفيْنِ بالنّزوع إلى الأدب، وما ذلك إلا من تأثير هذه النهضة المائجة على أمثال المانوزي، فيتأدب هو وأمثاله بِجهودهم على حدة، ثُم لا يفوتنا أن ننبه على ظاهرة في (إلغ) لَم تكن في غيرها، مِما يشاركها في الاعتناء الأدبي؛ وهي وجود ندوة أدبية انتقادية يعرض أمامها كل شيء، فتقبل وترد، وإن كانت لا تَخرج عن دائرة المجاملات وتتخذ انتقاداتها في صفة إرشادات، وكان رئيس هذه الندوة أبا الحسن علي بن عبد الله الإلغي الأديب الكبير، فلا تَخطر قصيدة جديدة، أو رسالة حديثة كيفما كانت وإن لَم تكن إلا من مبتدئ في خطوته الأولَى إلا وتتلى في المجمع، والعيون شاخصة، والأسْمَاع مرهفة فيشاد بِما للمجيدين، ويرشد بالملاطفة غير المجيدين، فهذه الندوة لَها تأثيرها كثيرا في الإشادة بالأدب الإلغي وفي تنشيطه إلى الأمام؛ لأن بعض القائلين قد تبلغ منهم كلمة يُحبذ بِها ما لا تبلغ جائزة كان غيره يتسلمها من يد مَمدوح في بلاط. ولا يدري إلا الله كم قصيدة مرت في هذه الندوة؛ لأن العادة استمرت أنه كلما حضرت فرصة أن تستنبط القرائح، فعند كل ولادة لِمعتبر عندهم، أو وفاة فاضل، أو قدوم أديب، أو توديع آخر، أو قيام عرس، أو ختم مؤلف يدرس، أو مناسبة ما، تَجد القصائد يُرمى بِها بين يدي رئيس الندوة، وقد يصل عددها أحيانا ما فوق العشرة، أفلا يكون هذا هو الباعث حتى بلغ الأدب الإلغي ما بلغه مِما لَم يدركه سواه في سوس.

ثُم إن الإلغيين والأدوزيين والبونعمانيين، كان من عادتِهم أن يُخاطبوا تلاميذهم شعرا أو نثرا في كل فرصة ينتهزونَها، ثُم يقترحون على كل أحد أن يُجيب كي يتمرن الطلبة بذلك، وقد وقفنا على آثار غير قليلة في هذا الموضوع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015