طوالا، فقوم منهم آمنوا به وبدعوته ورسالته، فكانوا من أنصاره السابقين السباقين للخير والهدى والصلاح، بالاسراع إلى إجابة دعوة الله، فشدوا أزر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتقوى بهم الإسلام وبمساندتهم له بأنفسهم وبأموالهم، وهذا شيء مبسوط في محله من كتب التاريخ.
ويوجد طوائف من المشركين والمنافقين بهرتهم سرعة الاستجابة لهذا الدين وتغلغله في أوساط سكان يثرب بل وانتشر إلى ما وراءها من الديار، فبهتوا منه ولم يطيقوا صده ولا حربه، فبقوا يناوشونه من وراء بالصد عنه والكيد له، وإن آمنوا به - ظاهرا وهم المنافقون - وأمر المنافقين معروف، فقد أنزل الله فيهم سورة كاملة من القرآن تكشف عن خباياهم، وتحذر من دسائسهم وأكاذيبهم، فإنهم كانوا يعرقلون مسيرة الايمان بالدين وبمن جاء به إلى أن قوي ساعده، عند هذا غلبوا على ما كانوا يذيعونه ورجعوا على أعقابهم خاسرين، وهذا شأن الباطل وصراعه للحق من القديم.
كما وجد طائفة أخرى ممن كانوا يسكنون "يثرب" وأحوازها، وهذه الطائفة أعظم خطرا على الإسلام من المنافقين، وهم اليهود، فلما استقر الرسول صلى الله عليه وسلم في "يثرب" وخشوا منه عاهدوه على أن لا يتعرضوا له ولا لدعوته، ولا يتعرض هو لهم في القيام بدينهم، بحيث لا يتدخلون في أمره وأمر الإسلام